أدرك ماشاءَ غلامٌ فطنا – مهيار الديلمي
أدرك ماشاءَ غلامٌ فطنا … إذا نبتْ به بلادٌ ظعنا
لا يستريحُ جسمه وعرضه … مكلَّف وقلبه أخو العنا
يضمِّن البيداءَ من حاجاته … والحرّة َ الوجناءَ ما تضمَّنا
إن وجد العزَّ وراءَ جانبٍ … مشى ولو على عوامل القنا
دع للهوينا الغمرَ من أبنائها … وللمنى فما المنى إلاّ ضنا
لا حملتنى تربة ٌ طيَّبة … تخبُث أن تضمَّنى وسكنا
ولا زمانٌ أنا فيه خاملُ ال … ذّكرِ ومن أفضلِ مَن فيه أنا
كم الرضا بوشلٍ مصرَّدٍ … لا ناقعٌ ولا يميط الدرنا
وفضلِ عيشٍ جائرٍ مذبذبٍ … لا عفة ٌ فيه ولا زهدُ الغنى
قد قنطتْ نفسى أن تعثرَ بي … مسرَّة ٌ مما ألفتُ الحزنا
أرى عيونَ الشامتين شارة ً … مصبوغة ٌ تشعرُ صبرا حسنا
يظهرُ في وجهي لهم ماءُ الرضا … والنارُ ما أجنُّه مستبطنا
وكلَّما أنحى عليَّ زمني … موَّهتُ حالي وشكرتُ الزمنا
حتى لقد ماتَ فؤادي فغدا … صدري له لحداً وجسمي كفنا
من لي بأن تنشطني الأقدارُ أو … يحلَّ عنّى الدهرُ هذا القرنا
فأملكَ الحلبة َ لا أثنى بأن … أشكمَ دون غايتي أو أُرسنا
قد أغلق الحظُّ البهيم سبلي … حجازها وشامهاو اليمنا
فما أريد نهضة ً تنتاشني … إلا لوى عزمي عنها وثنى
تفانت الأيّام مالي ولها … إما بقاءٌ نافعٌ أو الفنا
قد نبذتني منبذ المجلوبِ لا … يسرحُ في الإبل ولا يسقى الهنا
دريئة ً للهمّ كيف وقعت … سهامه كنتُ الجريحَ المثخنا
لا وطرا من لذّة ِ أقضى ولا … عندي في طارقة ِ الجُلّى غنى
كأنّها ما جرّبتْ حلمي ولا … تعاورتْ منّى جنبا خشنا
ولا درتْ أيَّ رجالِ عصمة ٍ … جعلتهم منها لظهري جننا
الأشرفين همما والأكرمي … نَ أيدياً والأكثرينا مننا
والرافعين بعلا أنفسهم … ما شيَّد المجدُ القديمُ وبنى
قومٌ إذا العامُ اقشعرَّت شمسه … وكبَّ أربابُ المقاري الجفنا
وخافَ كلبُ الحيِّ من جازرهِ … ما أكلَ الشاءَ وأفنى البُدُنا
تساهموه يطردون جدبهُ … حتى يعودَ متمرا وملبنا
وأقبلواه أوجها ميامناً … تضحك فيه وأكفّاً يمنا
وزاده عدلُ الملوك في الندى … تمرُّدا وبالجدا تمرُّنا
وملكتْعجلٌ على الناس به … رأسَ الفخارِ وعرانين السنا
سنَّ لهم فاتبعواوزيَّدوا … وألحقوا بالفرض تلك السُّننا
علقتُ منهم بأغرَّ ماجدٍ … كان الأشدَّ في يديَّ الأمتنا
رعيته أخا الربيعِ وهمتْ … راحتهُ لي فذممتُ المزنا
وقال لي المجدُ وقد أحمدته … تلك الغصونَ أثمرتْ هذا الجنا
أوفى على مرقبة ِ الملكِ فتى ً … يرى خفيَّ المشكلات بيِّنا
موفَّقُ النظرة ِ لا تحوجهُ … أوائلُ اللحظ إلى كرِّ الثِّنى
لكفِّه من القنيص كلُّ ما … نص إليه منسرا وبرثُنا
كفى العظيمَ ورمى برأيه … حيثُ هفا رأى ُ المصيبِ وونى
وقام بالدولة مدُّ ظهرهِ … والدهرُ قد طأطأ منها وانحنى
لما أبت صمَّاؤها فلم تطعْ … من أمر حاويها الرُّقى والدَّخنا
وأعضلَ الخطبُ اشتفوا بطبّه … فأفرقتْ والداءُ قد تمكّنا
قالوا الرئيسُ فاطمأنَّ وحشها … بعد النّفارِ باسمه وأذعنا
وعاد محزومُ المطا ريِّضها … من بعدِ ما كان زبونا أرِنا
ماضي اليدينِ منصلا وقلما … صعبَ المراس جلدا ولسنا
إذا فلى برمحه كتيبة ً … حسبته يكتبُ فيها بالقنا
فإن أفاض كاتباً ظننته … بالقلم الجاري الضلوعَ طعنا
رأى الندى أجلبَ شئٍ للعلا … فجعل المالَ العزيزَ هنيّا
وجاد حتى قال من جاد له … أودعَ عندي ماله أو خزنا
يستوحشُ الدينارُ من بنانهِ … فقلّما جاورها مستوطنا
قل لأبي القاسم قسَّامِ اللُّهى … وفي المعالي ما يفاد بالكنى
أشكو إليك كلّما جنَّ الدُّجى … هزَّة َ شوقٍ تستطير الوسنا
ومقلة ً إذا التفتُّ نحوكم … بلَّ الرداءَ شأنها والرُّدنا
ما انفتحتْ من بعدكم فأبصرت … على اختلاف الناس شيئا حسنا
قد كنتُ منِّيتُ بأن تراكمُ … لحاجها لو كان أغناها المنى
ورضتُ نفسي للنوى فأسمحتْ … أن تهجرَ الأهلَ لكم والوطنا
واستأذنت على الحيا مجدبة ً … أرضي ولكنّ الحيا ما أذنا
وقلتُ صدعٌ ربما لمَّ وعج … فاءُ عست بجودكم أن تسمنا
وزمنٌ قاسٍ سيعطفونه … نحوي بما هم يملكون الأزمنا
لكن أبيتَ شفقا وصنتني … يا لمسيئٍ ويُظنُّ محسنا
ولو شريتُ ساعة ً منك بما … بين ضلوعي ما شكوتُ الغبنا
فلا تؤاخذْ بفتى ً صددته … عن نسكه عقوبة ً وما جنى
شجَّعه الشوقُ على مشقّة ٍ … كم سيمَ يوما مثلها فجبنا
لعلَّ من أشخصه يردّه … أغلى لديكم قيمة ً وأوزنا
فربّما عاد صليبا شرسا … ما كان تحت العجمِ سهلا ليِّنا
لئن عداني قدرٌ مماكسٌ … عنكم وحظٌّ ما يزال أرعنا
وفترة ٌ من رأيكم تشهدُ أنْ … ما عندكم من الجوى ما عندنا
فغادياتٌ رائحاتٌ نحوكم … صرائحٌ إذا الكلام هجنا
من اللواتي ما انبرى مسترعيا … بمثلها قطُّ لسانٌ أذنا
لو مسح الجوَّ ببطن كفّهِ … قائلها كنتُ بذاك قمِنا
تسلَّفتْ ودَّ الملوك قبلكم … وعقدتْ لي في الرقابِ المننا
فاسمع لهنّ سابقا ولاحقا … سوائرا فيك يُطبِّقنَ الدُّنا
وجلّ يوم المهرجان هذه … قلادة تنظمُ درّاً مثمنا
لم ير مذ فارقَ كسرى مثلها … أجملَ فوق جيدهِ وأزينا
واستوفِ أقصى غاية ٍ من سعده … وابقَ له وللمعالي ولنا
وكنْ بذاك من ضمان الله لي … في أن تعيش وضماني موقنا
واندبْ لها بين يديك ناهضا … يخلفني في ذا الدعاءِ والهنا