أحق بالعزِّ من لا يرهب الخطرا – حيدر بن سليمان الحلي

أحق بالعزِّ من لا يرهب الخطرا … ولا يعاقد إلا البيضَ والسمرا

والسيفُ أجدر أن يستلَّه لوغى ً … مَن ليس يغمدُه أو يدرك الظفرا

وأبيضُ العرض من في كفه صدرتْ … بيضُ القواضب من ورد الدما حمرا

لم تقض من وصله بكرُ العلى وطراً … حتى من الهام يقضى سيفُه وطرا

وحوزة الملك أولى في حياطتها … مَن بات في حفظها يستعذُب السهرا

وذي الرعيَّة أحرى في سياستها … مَن بالتجارب غورَ الدهر قد سبرا

وليس يملكُ يوماً رقَّ مملكة ٍ … مَن ليس يملأُ منها السمعَ والبصرا

ولا تُراض أقاليمُ البلاد بمن … لم تسقِ من خُلقَية الصفر والكدرا

والحلُ والعقد لم يورد صوابهما … إلا الذي ثقة عن رأيه صدرا

ولا تناط أمور الملك أجمعها … إلا بمن قارع الأيام مقتدرا

أما نظرتَ لسلطان البرية من … على الرعية ظلَّ العدل قد نشرا

مَن ودّت الشهبُ لوقى ربعه هبطتْ … فقبلته وشمّتْ تربه العطرا

كيف اغتدى مودعاً أسرارَ حضرته … صدراً أحاط بأسرار النهى خبرا

وكيف أنزله منه بمنزلة ٍ … لو ينزل البدرُ فيها تاه وافتخرا

لم يبلِ أخبارَه إلا رأى ثقة ً … للملك صدَّق منه المخبرَ الخبرا

فقال خذْ منصباً امُّ العلى نصبتْ … أسرة ً لكَ فيه الأنجم الزهرا

هذي الوزارة ُ فحللْ في ذوائبها … فالحزم للشمس أن تستوزرَ القمرا

فقال في رأيه والسيف يُجمعُ من … أطراف مملكة الإسلام ما انتشرا

مؤيداً بجنودٍ من مهابته … قد انتضى معه آراءه زبرا

وبات والدولة الغراء يكلؤها … بعين مستيقظٍ لا يركبُ الغررا

إن يجرِ في حلبات الرأي مبتدراً … خلَّت له الوزراءُ الوردَ والصدرا

رأته أوسعها صدراً وأجمعها … فكراً وأصدقها إن شوورت نظرا

فسلَّمتْ لعلاه الأمرَ مذعنة ً … لما يقولُ نهى إن شاء أو أمرا

فهل تضيقُ بخطبٍ جاء من بشرٍ … ذرعاً وإن جلَّ ذاك الخطب أو كبرا

وصدرُها الأعظم السامي الذي تسعُ … الدنيا بهمته أعظم به بشرا

ذو عزمة ٍ مثلَ صدر السيف باترة ٍ … لو لاقت الدهرَ قرناً عمرهُ انبترا

رعى المحبّين فيها البدوَ والحضرا … وروَّع المبغضين الرومَ والخزرا

قد قلَّد الملكَ منه سيف ملحمة ٍ … لو يقرعُ الصخرَ يوماً بالدم انفجرا

إذا الجباهُ بذل العجز قد وُسِمت … في جبهة الموت أبقى حدَّه أثرا

يستصغرُ الحربَ حتى ما يباشرها … بنفسه ولها إن باشرَ السفرا

لجاءَ والهمة العلياءُ فيه أتتْ … كالسيل من قلل الأجبال منحدرا

في جحفل إن سرى ضاقت بأوله … الدنيا وآخره لم يدرِ أين سرى

وخاض بحرَ الوغى بالحزم محتزماً … بالنقع ملتئماً بالصبر متزرا

حتى تضج ملوكُ الأرض قائلة ً … كذا بنى الملك فلينصره من نصرا

هيهات هذي فعالٌ لا يقوم لها … من قد قضى منهمُ قدما ومن غبرا

لو مدَّ قيصرُ باعاً نحوها قصرا … أورامها قبلُ كسرى الفرس لانكسرا

فعالُ منتصرٍ لله قام بها … في الله منتهياً لله مؤتمرا

إن ينتقم فحقوق الله يأخذها … وليس يلغي حقوقَ الله إنْ غفرا

حلوُ السجايا رقيقُ طبعه عذبٌ … له خلائقُ ينفي صفوُها الكدرا

خلائقٌ كالحميّا لو ترشَّفها … من كان يبغضه في حبَّه سكرا

آنستِ يا وحشة الدنيا بذي كرم … أحيا بجدواه ميتَ الجود فانتشرا

ليس السحائبُ تحكيه وقد علمتْ … من كفه ماؤها قد كان معتصرا

ولا البحارُ تضاهيه وقد طمحتْ … أمواجها فهي بخلاً تحرزُ الدررا

لم يجر حاتمُ طيِ أو أبو دلفٍ … إلا وعن شأوه بالجود قد حسرا

وإنَ معنا على ما فيه من كرمٍ … لو كان عاصَره في الجود ما ذكرا

يا من نرى الناسَ أنّى غابَ غائبة ً … جميعها وحضوراً أينما حضرا

أمجلسا لك هذي الأرض قد جُمعت … أم أنتَ قد ضمنتْ أبرادُك البشرا

إنّ الصدارة لم يصلحْ سواك لها … كأنها أبداً عينٌ وأنتَ كرى

لا زال سعدُك بالإقبال مقترنا … يستخدم المبهجين النصرَ والظفرا