أحبابنا هل لذاك العهد تذكار – إبراهيم اليازجي

أحبابنا هل لذاك العهد تذكار … يدني إليكم إذا لم تدننا الدار

بنتم فلم يغننا من أنسكم سكن … يوماً ولا راقنا من بعدكم جار

تجري المنى سانحات في خواطرنا … وما لها غير جمع الشمل أوطار

قد قطع البعد نجوانا وما برحت … في القلب منكم أحاديث وأسرار

نبيت في الربع نستسقي الغمام لكم … وقد سقت ربعكم للدمع أمطار

حق علينا وأن غبتم زيارته … فهل نراكم وأنتم فيه زوار

أما الكرى فسلوا عنه الخيال إذا … وارته من ظلمات الليل أستار

وبي ليالي أنس بيننا سلفت … كأنها في ربيع العيش أزهار

كأننا لم نذق وصلاً ولا عبرت … لنا على الصفو آصال وأسحار

أيم نعشو إلى ضوء الشمول وقد … بدا لها تحت جنح الليل إسفار

صهباء تكسو الندامى من أشعتها … كوجه موسى وقد ضاءت له النار

مبارك الوجه صافي السر قد هبطت … عليه من أفق الرضوان أنوار

في طاعة الله ممساه ومصبحه … ومنه للخير إعلان وإسرار

لله غصن نشا من روح مكرمة … طابت لنا منه أغصان وأثمار

عرق كريم واحساب مؤثلة … بمثلها أحرزت للمجد أخطار

أنشا لآل فريج عزة بسقت … من دونها خسأت للدهر أنظار

بنى لهم طود مجد طال وارتفعت … عليه من حيطة الرحمان أسوار

وفوقه نور بدر حين لاح به … غارت لمطلعة في الأفق أقمار

هذا الهمام الذي أضحت مناقبه … قدى بها في طلاب الحمد يستار

في جاهه لطريد الدهر ملتجاً … وفي غناه لأهل العسر إيسار

وهمه كل يوم كسب مأثرة … تخطها في سجل الفخر أدهار

متيم بغواني المجد يعشقها … فمن من حوله عون وأبكار

يضم للتالد الموروث طارفها … ذخائراً مثلها يبغي ويختار

فدى لموسى رجال قد عرفتهم … كأنهم في عيون العصر عوار

من كل راض من الدنيا بدرهمه … وليس في نفسه للمجد إيثار

ومن إذا حصلت في كفه جدة … فإنها ثمن بشرى به العار

الفقر أجمل ثوب للئيم وأن … عاب الكريم وبعض الفقر ستار

وشر ما امتاز قدر الأغبياء به … إذا غلت منهم بالفلس أسعار

وإنما الفضل ما أبديته لهم … لو كان فيهم لمرأي الفضل أبصار

فدم لهم سائداً في كل مكرمة … بمثلها قاد عنق الدهر أحرار

ولتهنك الرتبة الأولى حباك بها … من جود كفيه في الآفاق مدرار

من عنده ينصف الفضل المبين ولا … تخفي عليه لأهل الفضل أقدار

ومن إرادته حكم فمن رفعت … فما لرفعته في الأرض انكار

عبد الحميد الذي في ظله استترت … من البسيطة أقطار وأمصار

تجري الرياح تباعاً تحت رايته … إذا جرت وتقل الفلك أبحار

ملك إذا نظرت في الأمر فكرته … فالدهر يوم ووجه الأرض أشبار

له من القدر الجاري جلاوزة … ومن ملائكة الرحمان أنصار

فدم ما فياً الغصن النسيم وما … تحركت من جفون العين أشفار

ورم به راقياً أرخت ما نسجت … بمدحه خطب منا وأشعار