أحاكمها في مهجتي ولها اليد – ابن القيسراني
أحاكمها في مهجتي ولها اليد … وأطلب منها رد قلبي فتجحد
وأسأل داجي هجرها عن صباحه … وهجر الغواني ليلة ما لها غد
فيا منتهى النجوى إذا صرح الهوى … وباتت به الشكوى لظى تتوقد
عهدتك يوم الروع ضامن نجدتي … فهل أنت إن غارت هباتك تنجد
نشدتك لا تأمن على مضمر الحشى … مدامع شمل السر فيها مبدد
فكل حديث يمكن السمع رده … سوى مستفيض عن جوى القلب يسند
بكينا دما والقاصرات سوافر … فلاحت خدود كلهن مورد
وقد وقف الواشون من كل وجنة … على محضر فيه المدامع تشهد
فجفن محب فيه جرح مضرج … وجفن حبيب فيه سيف مهند
سهرت غراما واللواحي هواجد … وكيف ينمام الليل طرف مسهد
ألوذ ببرد اليأس من وغرة النوى … وأطمع عند القرب والقرب أبعد
أأدرك ما فاتت به سنة الكرى … وأرجو صلاح الدهر والدهر مفسد
أرى القوم صما كلما ذكر الندى … كأن الندى في السمع معنى مردد
فما صرح التشمير عن خوض لجة … إلى الحظ إلا قيل صرح ممرد
عجبت لأحكام الليالي وجورها … عن القصد في الاقسام حيث تقصد
ووسنا لنا في ظل الغبارة ناعم … ويقظان في نار الذكا يتوقد
وآلمني من فات همي اهتضامه … وأقصدني من ليس فيه مقصد
وولتك أعناق المعالي سيادة … نيابتها في الشرق والغرب سودد
فللملك وجه سافر عن سفارة … يؤكدها منك الولاء المؤكد
أنامت مساعيك الظبى في جفونها … فهل كان في تنبيه رأيك مرقد
وداويت فيها ناظر السيف بعدما … مضى وهو طرف من دم الحرب أرمد
دلفت إليها خائضا غمراتها … وموج الوغى بين الفريقين مزبد
تقطب منك البيض وهي ضواحك … ويفتر عنك الخطب واليوم أربد
ونافذ آراء متى لم تصل بها … فلا الرمح مركوز ولا السيف مغمد
فللنصرمنها ما تحوز وتصطفي … وللمجد منها ما تحل وتعقد
…. عندك خائفا … فراقا له منك التبسم موعد
وأعطيت في قتل الخطوب دياتها … وكيف يديها القاتل المتعمد
مناقب لا الرأي القياسي ناهض … بها فسواء عالم ومقلد
أرى البخل يفني المال والمال راهن … ويبقى السماح المرء والمرء ينفد
فدونكها كالحضر سرا ونفحة … تغور بآفاق البلاد وتنجد
لها بين افواه الرواة تلاوة … تردد ما دام الليالي تردد
نهى توجد الألباب عند وجودها … وتنشد في أثنائها حين تنشد
لقائح أفكار تمادى نتاجها … فأولدها هذا الكلام المولد
فلا زال يحدوها إليك اشتياقها … لها كل وقت منك عهد مجدد