أ”حارثَ” علِّلني وإنْ كنتُ مسهَبا – بشار بن برد
أ”حارثَ” علِّلني وإنْ كنتُ مسهَبا … ولا ترجُ نومي قدْ أجدَّ ليذهبا
دنا بيتُ منْ أهوى وشطَّ ببينهِ … حبِيبٌ فأصْبحْتُ الشَّقِيَّ الْمُعذَّبا
إِذَا شئْتُ غَادَانِي وخِيمٌ مُلَعَّنٌ … وجنَّبتُ منْ ودِّي لهُ فتجنَّبا
أ”حارثَ” ما طعمُ الحياة ِ إذا دنا … بغِيضٌ وفَارقْتُ الحبِيبَ الْمُقرَّبا
وقائلة ٍ: مالي رأيتكَ خاشعاً … وقدْ كنتَ ممَّا أنْ تلذَّ وتطربا
فَقُلْتُ لها: مشَّى الْهوى في مفَاصِلي … ورامي فتاة ٍ ليتهُ كان أصوبا
ترقَّبُ فينا العاذلينَ على الهوى … وما نال عيشاً قبلنا منْ ترقَّبا
إذا نحنُ لمْ ننعمْ شباباً فإنَّما … شَقِينا ولم يحْزَنْ لنا منْ تشبَّبا
وما استفرغَ اللَّذَّات إلاَّ مُقابلُ … إذا همَّ لمْ يذكرْ رضى منْ تغضَّبا
فلاَ ترْقُبِي في عاشِقٍ أنْتِ همُّهُ … قرِيباً ولا تسْتأذِنِي فِيهِ أجْنَبا
لعلَّكما تسْتعْهِدانِ مِنْ الْهَوَى … بِنظْرة ِ عيْنٍ أوْ تُرِيدانِ ملْعبا
يلومكِ في الحبِّ الخليُّ ولوْ غدا … بِدَاء الْهَوَى لَمْ يَرْعَ أمًّا وَلاَ أبَا
أ”خشَّابَ” قدْ طالَ انتظاري فأنعمي … على رجلٍ يدعو الأطبَّاءَ مُتعبا
أصيبَ بشوقٍ فاستُخفَّتْ حصاتهُ … ولاَ يعرفُ التَّغميضَ إلاَّ تقلُّبا
يَرَى الْهَجْرَ أحْيَاناً من الْهَمِّ عَارِضاً … وإنْ همَّ بالهجرانِ هابَ وكذبا
بهِ جنَّة ٌ منْ صبوة ٍ لعبتْ بهِ … وَقَدْ كَانَ لاَ يَصْبُو غُلاَماً مُشَبَّبَا
تمنَّاكِ حتَّى صرتِ وسواسَ قلبهِ … وَعَاصَى إِلَيْكِ الصَّالِحينَ تَجَنُّبَا
وبيضاءَ معطارٍ يروقُ بعينها … على جسدٍ ….
رأتْ بي كبيراً منْ هواكِ فسبَّحتْ … وأكْبَرُ مِمَّا قَدْ رَأتْ مَا تَغَيَّبَا
أ”خُشَّابَ” قد ْكانت على القلبِ قرحة ٌ … من الشَّوقِ لاَ يسطيعها مَنْ تطبَّبا
إذا قُدحتْ منها الصَّبابة ُ نتَّجتْ … عقاربُ فيها عقرباً ثمَّ عقربا
وَحَتَّى مَتَى لاَ نَلْتَقِي لِحَدِيثِنَا … وَمَكْنُونِ حُبٍّ في الْحَشَا قَدْ تَشَعَّبَا
تَقطَّعُ نفْسِي كُلَّ يوم وليْلة ٍ … إليكِ منوطاً بالأمانيِّ خلَّبا