أجل لم يكن في ساحة ِ الأرضِ فاعلمن – حيدر بن سليمان الحلي
أجل لم يكن في ساحة ِ الأرضِ فاعلمن … لسارٍ حمى ً إلاّ ببيتينِ في الزمن
ببيتٍ بناهُ اللهُ أمناً مِن المِحن … «وبيتٍ على ظهرِ الفلاة ِ بناهُ مَن
ألا ربَّ قفرٍ قد قطعنا فضاءَه … بيومٍ وَصلنا في الصباحِ مساءَه
ولمَّا علينا الليلُ مدَّ رِداءه … «نزلنا به والغيثُ يُسكِبُ ماءَه
كأَنَّ النُعامى حين وافت بقُطرِه … لنا حَملت من خُلقِه طيب نَشرِه
فما قطرُه إلاّ تتابعَ وفره … “وما برقُه إلاّ تبسَّم ثغرِه
فبُوركَ بيتاً فيهِ كان احتجابُنا … عن السوءِ مذ أمسى إليه انقلابُنا
به أَمِنت حصبَ الرياح رِكابُنا … “ومنه وقتنا أن تُبلَّ ثيابُنا
مقاصرُ بتنا مِن حماها بجُنَّة ٍ … وقينا الأذى من حفظِها بمَجنَّة ٍ
غدت مجمعَ السارِين إنسٍ وجنّة ٍ … «ولم يُر في الدنيا مقاصرُ جنّة ٍ
فوحشتُنا زالت بانسِ رحابها … عشيّة َ بتنا في نعيمِ جنابها
إلى أن نَسينا السيرَ تحتَ قُبلها … “كأنّا حلولٌ في منازلنا بها
بنا أدلجت تطوي المهامهَ عيسُنا … إلى أن بأيدي السيرِ دارت كؤوسنا
فمالت نشاوَى نحوَهنَّ رؤوسنا … “وبتنا بها حتى تمنَّت نفوسنا
ومُذ كانَ فيها بالسرورِ مبيتُنا … بحيثُ ثمارُ البشرِ والأُنس قُوتُنا
رأينا الهنا في ظلِّها لا يفوتنا … وعنها وإن عزَّت علينا بيوتُنا
فلا عجبٌ إن تغدُ صُبحاً وعُتمة ً … بها الوفدُ من كلِّ الجهاتِ مُلمَّة ً
وتُمسي لهم بالخوفِ أمناً وعِصمة ً … ففيها أبو المهديِّ أسبغَ نعمة ً
أعزُّ الورى أضحى لديها أذلهّا … وأفضلُهم ما زالَ يَشكرُ فَضلَها
وكيفَ يُبارى العالَمون أقلَّها … وأغناهُمُ قد كان مفتقراً لها
بها عمّ أهل الأرضِ دانٍ وشاسِعا … وفيها لكلِّ الخيرِ أصبحَ جامعا
وليسَ لهذي وحدَها كانَ صانِعا … له اللهُ كم أسدى سواها صنايعا
فللخلقِ أبوابُ السماحة ِ فُتِّحت … بها وسيولُ الأرضِ منها تبطَّحت
ومنها أزاهيرُ الرياضِ تَفتَّحت … “وقد عَجزت عنها الملوكُ فأصبحت
لقد غمرَ الدُنيا معاً بسخائِه … فكانت لِساناً ناطقاً بثنائِه
وأدَّبَ صَرَفَ الدهرِ بعد اعتدائه … «فلا برِحت في الكونِ شمس عَلائه