أترى الصبا خطرتْ بوادي المنحنة ؟ – محمود سامي البارودي

أترى الصبا خطرتْ بوادي المنحنة ؟ … فجنتْ عبيرَ المسكِ منْ ذاكَ الجنى ؟

مَرَّتْ بِنَا طَفَلَ الَعَشِيِّ، فَمَا دَرَى … أحدٌ بسرَّ ضميرها إلاَّ أنا

و تحملتْ سرَّ الهوى ؛ فترددتْ … بِرَسَائِلِ الأَشْوَاقِ فِيمَا بَيْنَنَا

عبقتْ غلائلها بنشرِ عرارة ٍ … بَدَوِيَّة ٍ، بِسِوَى الأَنَامِلِ تُجْتَنَى

تَحْمِي مَنَابِتَهَا قَسَاوِرُ غَارَة ٍ … يَجِدُونَ صَعْبَ الْمَوْتِ خَطْباً هَيِّنَا

منْ كلَّ مشتملٍ بشعلة ِ صارمٍ … أمضى منَ الأجلِ الوحيَّ إذَ ادنا

وَ بمسقطِ العلمينِ جؤذرُ كلة ٍ … يُصْمِي بِنَظْرَتِهِ الأُسُودَ إِذَا رَنَا

صنعَ الوشاة ُ لهُ حديثاً كاذباً … فقسا عليَّ ، وَ كانَ سهلاً لينا

مَاذَا عَلَيْهِ ـ وَلاَ أُرِيدُ مَلاَمَة ً ـ … لَوْ جَادَ مَعْهَا بِالتَّحِيَّة ِ أَوْ كَنَى ؟

إني لأقنعُ منْ هواهُ بنظرة ٍ … تُرْوِي الْغَلِيلَ مِنَ الصَّدَى لَوْ أَمْكَنَا

أخنى عليَّ معَ الزمانِ ، وَ ليتهُ … لما أساءَ الدهرُ صنعاً أحسنا

وَرَأَى الْمَشِيبَ تَلَوَّنَتْ أَلْوَانُهُ … في عارضيَّ منَ الأسى ؛ فتلونا

وَالْمَرْءُ فِي الدُّنْيَا رَهِينُ حَوَادِثٍ … تودى بجدتهِ ، وَ تلبسهُ الضنى

ليتَ المشيبَ تأخرت أيامهُ … حَتَّى أَفْوزَ مِنَ الشَّبِيبَة ِ بِالْمُنَى