آل زغلولَ، حَسْبُكم من عزاءٍ – أحمد شوقي

آل زغلولَ، حَسْبُكم من عزاءٍ … سُنَّة ُ الموتِ في النَّبِيِّ وآلِه

في خلالِ الخطوبِ ما راع إلا … أنها دون صبركم وجماله

قد دهاه من فقده ما دهاكم … وبكى ما يكيتم من خلاله

فكما كان ذخركم ومناكم … كان من ذخره ومن آماله

ليت من فكَّ أسركم لم يكله … للمنايا تمدُّه في اعتقاله

حجبتْ من ربيعه ما رجوتم … وطوَتْ رحلة العُلا من هلاله

آنستْ صحة ً فمرت عليها … وتخطَّتْ شبابه لم تباله

إنما مِنْ كِتابِه يُتَوَفَّى المر … ءُ، لا من شبابه واكتهاله

لست تدري الحِمامُ بالغاب هل حا … مَ على اللَّيْثِ، أَم على أَشباله

يا سعيدُ اتَّئِدْ، ورِفْقاً بشيخٍ … والهٍ من لواعج الثكل واله

ما كفاه نوائب الحقِّ حتى … زِدْتَ في هَمِّه وفي إشغاله

فَجأَ الدهرُ، فاقتضبْتُ القوافي … من فجاءاته وخطفِ ارتجاله

قمْ فشاهدْ لو استطعتَ قياماً … حَسرَة الشعرِ، والْتِياعَ خياله

كان لي منك في المجامع راوٍ … عجَزَ ابنُ الحسين عن أَمثاله

فطنٌ للصَّحاح من لؤلؤ القو … لِ، وأدرى بهنّ منْ لآله

لم يَكُنْ في غُلُوِّهِ ضيق الصَّد … رِ، ولا كان عاجزاً في اعتداله

لا يُعادي، ويُتَّقى أَن يُعادَى … ويُخلِّي سبيلَ منْ لم يُواله

فامْضِ في ذمة ِ الشبابِ نقيّاً … طاهراً ما ثَنيت من أَذياله

إنّ للعصر والحياة ِ لَلُؤماً … لستَ مِنْ أَهلِه ولا مِنْ مَجاله

صانكَ اللهُ من فسادِ زمانٍ … دَنَّسَ اللؤمُ مِن ثيابِ رِجاله

سيقولون: ما رثاه على الفضـ … ـل، ولكنْ رَثاه زُلفَى لخاله

أيهم منْ أتى برأس كليبٍ … أَو شَفَى القُطْرَ من عَياءِ احتلاله؟

ليس بيني وبين خالِكَ إلا … أنني ما حييتُ في إجلاله

أَتمنَّى لمصرَ أَن يَجرِيَ الخيـ … ـرُ لها مِنْ يَمينِه وشِماله

لسْتُ أَرجوه كالرجال لصَيْدٍ … من حرامِ انتخابهم أو حلاله

كيف أرجو يا أبا سعيدٍ لشيءٍ … كان يُقْضَى بكُفره وضلاله؟

هو أَهلٌ لأَنْ يرُدَّ لقومي … أَمْرَهم في حقيقة استقلاله

وأنا المرءُ لم أرَ الحقَّ إلا … كنتُ من حزبه ومن عمَّاله

ربَّ حرٍّ صنعتُ فيه ثناءً … عجزَ الناحتون عن تمثاله