يَا مَنْ يُقِيمونَ لاِسْتِقْلاَلِهِمْ عِيداً – خليل مطران

يَا مَنْ يُقِيمونَ لاِسْتِقْلاَلِهِمْ عِيداً … لَنْ تُسْرِفُوا فِيهِ تَعْظِيماً وتَمْجِيداً

وَلَنْ تُوَفُّوهُ حَقَّاً مِنْ مَوَاجِبِهِ … لَو جُزْتُمُ الْحَدَّ تَزيِيناً وَتَشْييدا

أَوْحَى إِلَيْكُمْ هَوَى لُبْنَانَ عَاطِفَةً … لَمْ تُبْقِ في الأَرْضِ تَقْرِيباً وَتَبْعِيدا

فَفِي النَّوَى تَسْتَقِي مِنْهُ نَوَاظِرُكُمْ … طِيباً وَأَسْمَاعُكُمْ تَروَى أَغَارِيدَا

للهِ في لُبْنَانُ مَا أَبْهَاهُ مِنْ جَبَلٍ … يَمْشِي بِهِ الْحُسْنُ تَصْويْباً وَتَصْعِيدا

فِي كُلِّ مَوْقِعِ طَرْفِ آيَةٌ عَجَبٌ … تَكْفِي المُنَى وَتُرِيحُ الذِّهْنَ مَكْدُودا

تُرَابُهُ يُخْرِجُ الأَزْهَارَ مُونِقَةً … وَمَاءُهُ قَرْقَفٌ يُنْشِي الأَمالِيدا

لاَ يَسْتَعِيضُ بِهِ الْجَنَّاتِ بَائِسُهُ … وَقَدْ يَكُونُ عَنِ الأَقْوَاتِ مَصْدُودَا

أَحْمَدْتُ هِمَّتَكُمْ بِراً بِهِ وَرِضىً … عَنْهُ وَمَا زَالَ رَاعِي الْعَهْدِ مَحْمُودَا

لَكِنَّنِي مُوجِسٌ خَوْفَاً لِغَاشِيَةٍ … تَبُثُّ فِي جَذَلِي حُزْناً وَتَنْكِيدَا

أَخْشَى شَظَايَا أَرَاهَا مِنْ تَفَرُّقِّكُمْ … إِنْ تَصْدُقَ الصُّحْفَ تَرْجِيعاً وتَرْدِيدَا

فإِن تكونُوا كَمَا تُبْدِي فَوَا حَرَبَا … أَنْ تَكْذِبُوا اللهَ وَالأَوْطَانَ تَعْيِيدَا

بَعْضُ الأَسَى إِنْ طَغَى يَدْعُونَه طَرَباً … وَلِلأَذَى نَوْبَةٌ يَدْعُونَهَا عِيدَا

تَرَوْنَ لٌبْنَانَ إنْ عَقَّتْهُ فِتيَتُهُ … إِلا العُيُونَ تَبَاكتْ وَالْجَلاَمِيدَا

إِني أُعِيذ وَفَاءً تَجْهَرُونَ بِهِ … كَمَا أُعِيذُ أُلِي الرَّأْي الأَمَاجِيدَا

لاَ يَعْصِمُ الْعِيدُ أَوْطَاناً مُمَزَّقَةً … وَلاَ تَقِي الزِّينَةُ الْقَوْمَ الأَبَابِيدَا

بِلاَدُكُمْ فَاجْعَلُوهَا نُصبَ أعْيُنِكُمْ … وَأَيِّدُوها عَلى الأحْدَاثِ تَأْييدَا

وَلاَ تَضَنُّوا عَلَيْهَا بِاتِّحَادِكُمُ … فَإِنَّ خَيْرَ الْهَوَى مَا كَانَ تَوْحِيدَا

هّذَا كِتَابِيَ تَنْبِيهَا لِطَائِفَةٍ … مِنْكُمْ تُؤوِّدُهَا الأَحْقَادُ تَأْوِيدَا

أَمَّا الأولَى مَنَحُوا لُبْنَانَ حُبَّهُمُ … وَلَمْ يُبِيدُوهُ بِالاَغْرَاضِ تَبْدِيدَا

فَلْيَمْجُدِ الْجَبَلُ الْحُرُّ المَنِيعُ بِهِمْ … وَلْيَشْتَمِلْ ظِلُّهُ الأَمْصَارَ وَالْبِيدَا

وَلْيَرْفَعِ الْجِيدَ كُلُّ مِنْ بَنِيهِ كَمَا … يَرَوْنَهُ رَافِعاً فَوْقَ الُّربَى جِيدَا

وَلْيَعْلَمِ النَّاسُ فِي اَقْصَى البَسِيطَةِ مَا … قَدْ أحْرَزُوهُ لَهُ عِزَّا وتَوْطِيدَا

تَدَبَّرُوا قَصْدَكُمُ وَاللهُ يَمْنَحُكُمْ … فِي نَهْجِ تَحْقِيقِهِ قَصْداً وَتَسْدِيدَا