يَا لَيْلَةَ فَاجَأْتُ سِرْبَ الغِيدِ – خليل مطران
يَا لَيْلَةَ فَاجَأْتُ سِرْبَ الغِيدِ … فِي مَجْمَعٍ يَصْنَعْنَ حَلوى العِيدِ
يُخْرِجْنَ مِنْ كُتَلِ العَجِينِ بَدَائِعاً … أَمْثَالَ كُلِّ مُشَخَّصٍ مَشْهُودِ
ويُجِدْنَهَا فَلَوِ الشَِّفَاهَ تَعَفَّفَتْ … عَنْ أَكْلِهَا لَضَمِنْتُهَا لخُلُودِ
بأَنَاملٍ بِيضٍ تَكَادُ تَظُنُّهَا … مَخْضُوبَةً بِدَمٍ مِنَ التَّوْرِيدِ
وَزُنُودِ عَاجٍ عُرِّقَتْ بِزُمُرُّدٍ … آيَاتُ حُسْنٍ فِي شُكُولِ زُنُودِ
رُوِّعْنَ حِينَ قَدِمْتُ ثُمَّ أَنِسْنَ لِي … وَرَضِينَ بِي فِي المَحْفِلِ المَعْقُودِ
فَثوَيْتُ بَيْنَ مَناطِقٍ وَقَرَاطِقٍ … وَمَبَاسِمٍ وَمَا عَاصِمٍ وَنُهُودِ
مِنْ كُلِّ طَاوِيَةِ الحَشَى مَمْشُوقَةٍ … رَيَّا الخُدُودِ كَحَبَّةِ العُنْقُودِ
سَلاَّبَةٍ خَلاَّبَةٍ غَلاَّبَةٍ … بِاللَّفْظِ أَوْ بِاللَّحْظِ أَوْ بِالجِيدِ
لَوْلا هَوىً يُصْبِي الحَلِيمَ لَمَا ثَوى … مَثْوَى الإِنَاثِ أَخْو الرِّجَالِ الصِيدِ
شَأْنِي مُكَافَحَةُ الخُطُوبِ إِذَا دَجَا … نَقْعُ الحَوَادِثِ فِي اللَّيَالِي السُّودِ
شَأْنِي مُطَارَدَةُ الضَّلاَلَةِ بِالهُدَى … أَسْتَنْزِلُ الإلهَامَ غَيْرَ بَعِيدِ
شَأْنِي التَّطَلُّعُ لِلعَلاَءِ وإِنَّمَا … هَذِي السَّمَاءُ وَأَنْتِ شَمْسُ وُجُودِي
أَنْتِ الحَقِيقَةَ فِي الحَيَاةِ وَكَاذِبٌ … غَيْرُ الهَوَى لِلمَائِتِ المَلحُودِ
إِنْ أَسْعَفْتَنَا سَاعَةٌ مِنْهُ فَقَدْ … أَرْبَتْ بِغِبْطَتِهَا عَلَى التَّخْلِيدِ
أَمَّا العَظَائِمِ وَالعُلَى فَمَشَاغِلٌ … خُلِقَتْ مِنَ التَّفْكِيرِ وَالتَّسُهِيدِ
لاَ تَمْلأُ القَلْبَ الخَلِيَّ وَدَأبُهَا … نَهْكُ القُوَى فِي شِقْوَةٍ وَسُعُودِ
أَدَواتُ لَهْوٍ نَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى … سَيْرٍ عَسِيرٍ فِي الحَيَاةِ كَؤُودِ
أَشْبَاهُ مَا يُعْطَى مَنَ الثَّمَر امْرُؤٌ … فِي زَادِ تَرْحَالٍ عَلَيْهِ شَدِيدِ
وَلَعَلَّ غَايَةَ كُلِّ طَالِبِ رِفْعَةٍ … إِرْضَاءُ ذَاتِ سلاَسِلٍ وَعُقودِ
فَيَكُونُ عِيدُ العُمْرِ سَاعَةَ مُلْتَقىً … وَأَعَزُّ مَا نَرْجُوهُ حَلْوَى العِيدِ