وَلدِي بَكَيْتُكَ بِالدُّمُوعِ سَخِينَةً – خليل مطران

وَلدِي بَكَيْتُكَ بِالدُّمُوعِ سَخِينَةً … هَيْهَاتَ يُغْنِي مِنْكَ طَرْفٌ دَامِعُ

إِنَّي تَرَكْتُكَ وَالسَّلاَمَةُ كُلُّهَا … فِي بُرْدَتَيْكَ وَنُورُ وَجْهِكَ سَاطِعُ

ثمَّ انْثَنَيْتُ وَيَا لَهَا مِنْ أَوْبَةٍ … قَلْبِي بِهَا وَاهٍ وَعَقْلِي ضَائِعُ

طَال الطَّرِيقُ وَكُنْتُ أَرْجُو أَنَّنِي … سَأَذُودُ عَنْكَ وَأَنَّنِي سَأُدَافِعُ

يَا لَيْتَهُ طَالَ المَسِيرُ وَلَمْ يَكنْ … بَعْدَ النَّوَى هَذَا اللِّقَاءُ الْفَاجِعُ

أَفَأَنْتَ مَيْتٌ لاَ لَعَمْرِي لَمْ تَمُتْ … مَا أَنْتَ إِلاَّ فِي سَرِيرِكَ هَاجِعُ

غَالَطْتُ عَيْنِي إِذْ رَأَتْك مُوسَّداً … قُلْ يَا حَبِيبِي إِنَّنِي لَكَ سامِعُ

وَاحسْرَتَا غَلبَ السُّكُوتُ وَلَمْ تُجِبْ … وَقَضَى عَلَى الوَهْمِ القَضَاءُ الوَاقِعُ

وَعَلَى مُحَيَّاكَ ابْتِسَامٌ رَائِقٌ … يَجْلُو فَسَامَتَهُ وَضوْءٌ رَائِعُ

قَبْلَ الأَوَانِ طَوَتْكَ غَائِلَةُ الرَّدَى … وَبِطِبِّهِ خَابَ الطَّبِيبُ البَارِعُ

هَلْ يُقْطَعُ الفَرْعُ النَّضيرُ وَيَنْثَنِي … عَدْلاً عَنْ الأَصْلِ القَدِيمِ القَاطِعُ

وَلَدِي بِسُهْدِ العَيْنِ قَدْ رَبَّيْتُهُ … فَأَقَرَّ عَيْنَ الْمَجْدِ مُذْ هُوَ يَافِعُ

بَدَتِ المَخَايِلُ للفَضائِلِ والعُلَى … فِيهِ وَزَكَّاهَا تُقىً وَصَنائِعُ

حَفِظَ الوَصَايَا وَاسْتَقَامَ بِدَينِهِ … وَلَهُ عنِ الخُطَطِ المُرِيبَةِ وَازِعُ

عَلَّقْتُ آمَالِي بِهِ فَفَقَدْتُهُ … وَفَقَدْتُ آمَالِي فَمَا أَنَا صَانِعُ

وَاحَسْرَتَاهُ لأَمِّكَ الثَّكْلَى فَقَدْ … أَوْدَى بِزَهْرَتِها المُصَابُ الفَاجِعُ

مَا كَانَ أَعْجَلَهَا لِحَاقاً بِابْنِهَا … لَوْ لَمْ يُثَبِّتْهَا اليَقِينُ الرَّادِعُ

يَا وَيْحَ لِلأَعْمَامِ لَوْ شَاهَدْتَهُمْ … وَهُمُ حَنَايَا سُعِّرَتْ وَأَضَالِعُ

بَثَّ الخَلِيلُ وَعادِلٌ شَجْوَيهِمَا … فَإِذَا القوَافِي فِي الطُّرُوسِ مَدَامعُ

مَا فِي الأُولَى عَرفُوكَ إِلاَّ وَاجِمٌ … لِفَدَاحَةِ البَلْوَى وَإلاَّ جَازِعُ

يَا سَاكِنَ الفِرْدَوْسِ إِنْ سَلَبَ الأَسَى … أَلْبَابَنَا فَلأَنْتَ نِعْمَ الشَّافِعُ

قُلْ لِلَّذِي هُوَ خالِقِي وَمُجَرِّبِي … إِنِّي لَهُ العَبْدُ المُطِيعُ الخَاضِعُ

وَاسَأَلْهُ غُفْرَاناً لِزَلاَّتِي فَقَدْ … ثَقُلَتْ علَيَّ وَعَفْوُ رَبِّكَ وَاسِعُ

وَاسْأَلْهُ لِي صَبْراً فَحَسْبِي مِنْ رِضىً … بِاللِه أَنَّكَ فِي رِضَاهُ رَاتِعُ

أَرْجُو لِقاءَكُ حِيْنَ يَأْذَنُ مُنْعِماً … إِنِّي لَهُ وَإِلَيهِ إِنِّي رَاجِعُ