هِيَ النَفسُ ما حَمَّلتَها تَتَحَمَّلُ – علي بن الجهم

هِيَ النَفسُ ما حَمَّلتَها تَتَحَمَّلُ … وَلِلدَّهرِ أَيّامٌ تَجورُ وَتَعدِلُ

وَعاقِبَةُ الصَبرِ الجَميلِ جَميلَةٌ … وَأَفضَلُ أَخلاقِ الرِجالِ التَفَضُّلُ

وَلا عارَ أَن زالَت عَن الحُرِّ نِعمَةٌ … وَلكِنَّ عاراً أَن يَزولَ التَجَمُّلُ

وَما المالُ إِلّا حَسرَةٌ إِن تَرَكتَهُ … وَغُنمٌ إِذا قَدَّمتَهُ مُتَعَجَّلُ

وَلِلخَيرِ أَهلٌ يَسعَدونَ بِفِعلِهِ … وَلِلناسِ أَحوالٌ بِهِم تَتَنَقَّلُ

وَلِلَّهِ فينا عِلمُ غَيبٍ وَإِنَّما … يُوَفِّقُ مِنّا مَن يَشاءُ وَيَخذُلُ

وَأَقوَمُ خَلقِ اللَهِ لِلَّهِ بِالَّذي … يُحِبُّ وَيَرضى جَعفَرُ المُتَوَكِّلُ

فَتىً جَمَعَت فيهِ المَكارِمُ شَملَها … فَما فاتَهُ مِنها أَخيرٌ وَأَوَّلُ

أَبى اللَهُ إِلّا أَنُّهُ خَيرُ خَلقِهِ … وَأَعدَلُهُم فيما يَقولُ وَيَفعَلُ

عِنايَتُهُ بِالدينِ تَشهَدُ أَنَّهُ … بِقَوسِ رَسولِ اللَهِ يَرمى وَينصُلُ

إِذا ما رَأى رَأياً تَيَقَّنتَ أَنَّهُ … بِرَأيِ اِبنِ عَبّاسٍ يُقاسُ وَيُعدَلُ

لَهُ المِنَّةُ العُظمى عَلى كُلِّ مُسلِمٍ … وَطاعَتُهُ فَرضٌ مِنَ اللَهِ مُنزَلُ

أَعادَ لَنا الإِسلامَ بَعدَ دُروسِهِ … وَقامَ بِأَمرِ اللَهِ وَالأَمرُ مُهمَلُ

وَآثَرَ آثارَ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ … فَقالَ بِما قالَ الكِتابُ المُنَزَّلُ

وَأَلَّفَ بَينَ المُسلِمينَ بِيُمنِهِ … وَأَطفَأَ نيراناً عَلى الدينِ تُشعَلُ

يُعاقِبُ تَأديباً وَيَعفو تَطَوُّلاً … وَيَجزي عَلى الحُسنى وَيُعطي فَيُجزِلُ

وَلا يُتبِعُ المَعروفَ مَنّاً وَلا أَذَىً … وَلا البُخلُ مِن عاداتِهِ حينَ يُسأَلُ

يُضيءُ لِأَبصارِ الرِجالِ كَأَنَّهُ … صَباحٌ تَجَلّى يَزحَمُ اللَيلَ مُقبِلُ

تَأَمَّل تَرى لِلَّهِ فيهِ بَدايِعاً … مِنَ الحُسنِ لا تَخفى وَلا تَتَبَدَّلُ

فَنَضرَةُ وَجهٍ يَقصُرُ الطَرفُ دونَهُ … وَطَرفٌ وَإِن لَم يَألَفِ الكُحلَ أَكحَلُ

وَمُعتَصِمِيُّ الخَلقِ لِلسَيفِ وَالقَنا … عَلَيهِ بَهاءٌ حينَ يَبدو وَيُقبِلُ

إِذا نَحنُ شَبَّهناكَ بِالبَدرِ طالِعاً … بَخَسناكَ حَظّاً أَنتَ أَبهى وَأَجمَلُ

وَنَظلِمُ إِن قِسناكَ بِاللَيثِ في الوَغى … فَإِنَّكَ أَحمى لِلذِّمارِ وَأَبسَلُ

وَلَستُ بِبَحرٍ أَنتَ أَعذَبُ مَورِداً … وَأَنفَعُ لِلرّاجي نَداكَ وَأَشمَلُ

وَلا وَصفَ إِلّا قَد تَجاوَزتَ حَدَّهُ … وَلا سَيبَ إِلّا سَيبُ كَفِّكَ أَفضَلُ

رَعاكَ الَّذي اِستَرعاكَ أَمرَ عِبادِهِ … وَكافاكَ عَنّا المُنعِمُ المُتَفَضِّلُ