هُوَ العَيْشُ جَهْدٌ طَائِلٌ وَفُتُونُ – خليل مطران
هُوَ العَيْشُ جَهْدٌ طَائِلٌ وَفُتُونُ … وَمَا المَوْتُ إِلاَّ رَاحَةٌ وَسُكَونُ
نَوَدُّ بَقَاءً عَالِمِينَ بِمَا بِهِ … وَفِي كُلِّ يَوْمٍ حَسْرَةٌ وَأَنِينُ
فُجِعْنَا بِمَيْمُونِ النَّقِيبَةِ أَرْوَعٍ … تَقُرُّ بِهِ حِينَ اللِّقَاءِ عُيُونُ
مِثَالٌ لِمَنْ يَحْيَا الحَيَاةَ كَرِيمَةً … وَيَسْمُو بِهَا عَنْ كُلِّ مَا هُوَ دُونُ
صَفَى لِمَنْ صَافَى وَفَى لِمَنْ وَفَى … غَفُورٌ لِمَنْ يَغْتَابُهُ وَيَخُونُ
وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِيءٍ حَاجَةٌ لَهُ … فَلَيْسَ يُدَاجِيهِ وَلَيْسَ يَمِينُ
عَهِدْنَاهُ لا تَلْقَاهُ إِلاَّ عَلَى الرِّضَا … وَيَخْشَنُ آناً عِرْضٌ يَعِفُّ وَدِينُ
وَلَمْ يَكُ خيْراً مِنْهُ فِي الصُّحْبِ صَا … حِبٌ وَفِي الخُدَنَاءِ الأَكْرَمِينَ خَدِينُ
وَهَيْهَاتِ فِيمَنْ عَاشَ بِرّاً بِأَهْلِهِ … أَبٌ عَاشَ بِرّاً مثْلُهُ وَقَرِينُ
أَكَامِلُ سَعْدِ اللهِ أَنِّي لَجَازِعٌ … عَلَيْكَ وَكَمْ غَيْرِي عَلَيْكَ حَزينُ
أَفِي لَحْظَةٍ خِلْنَا بِهَا الدَّهْرُ مُغْضِيّاً … وَأَنْتَ مِليءٌ بِالنَّشَاطِ تَحِينُ
وَكَانَ بِكَ التَّوْفِيقُ لِلْعِلْمِ وَالحِجَى … فَمَاذَا دَهَى التَّوْفِيقَ حِينَ تَبِينُ
أَقَمْتَ صُرُوحاً لِلثَّقَافَةِ ضَخْمَةً … تُعَانُ عَلَى تَشْيِيدِهَا وَتَعِينُ
لَهَا تَسْتَمِدُّ البِرُّ مِنْ كُلِّ قَادِرٍ … وَمَا أَنْتَ بِالقِسْطِ الوَفِيرِ ضَنِينُ
وَأَنْتَ عَلَى المَبْذُولِ مِنْ حُرِّ مَالِهِمْ … وَآمَالِهِمْ فِي النَّابِنينَ أَمينُ
وَمَنْ يَكُ ذَا عَزْمٍ مَتِينٍ فَكُلِّ مَا … تَوَلاَّهُ بِالعَزْمِ المَتِينِ مَتِينُ
مَدَارِسُ تَبْنِي لِلْكَنَانَةِ فِتْيَةً … يُهَذِّبُهُمْ تَأْدِيبِهِمْ وَيَزينُ
وَتَعْنِي بِتَعْلِيمِ البَنَاتِ عِنَايَةً … تَرْقَى بِهَا أَخْلاقُهَا وَتَصًونُ
أَمَضَّكَ مَا كَابَدْتَهُ مِنْ شِئُونِهَا … وَأَكْثَرِ هَاتِيكَ الشُّؤون شُجُونُ
فَمَا فَاتَكَ الصَّبْرُ الجَمِيلُ عَلَى الأَذَى … لأَنِّكَ بِالغِبِّ الحَمِيدِ تَدِينُ
كَخِدْمَتِكَ الأَوْطَانِ فَلْيَخْدُمِ الأُلَى … رَأَوْا نَهْضَةَ العُمْرَانِ كَيْفَ تَكُونُ
إِذَا الدَّارُ هَانَتْ مِنْ جَهَالَةِ أَهْلِهَا … فَكُلُّ عَزيزٍ فِي الوُجُودِ يَهُونُ
وَهَلْ تَرْتَقِي الأَقْوَامُ مَا لَمْ تُرْقِهَا … عُلُومٌ وَآدَابٌ بِهَا وَفُنُونُ
سَلامٌ عَلَى مَثْوَاكَ تَنْشُرُ حَوْلَهُ … مَآثِرَكَ الكُبْرَى وَأَنْتَ دَفِينُ
بِمَا طِبْتَ نَفْساً عَنْهُ مِمّا تُحِبُّهُ … لَكَ الوَطَنُ البَاكِي عَلَيْكَ مُدِينُ
ألا أَنَّ خَطْبَ النِّيلِ فِي يَومِ كامِلٍ … لَخَطْبٌ لَهُ فِي الضِّفَتَيْنِ رَنِينُ
فَكَمْ دَارِفٍ دَمْعاً وَكَمْ صَافِقٍ أَسًى … كَمَا يُصْفِقُ الارَاهَ وَهْوَ غَبِينُ
وَكَيْفَ أَسَى البَاكِي وَلا عوض لَهُ … يُرجِّيهِ وَالذُّخْرَ المُضَاعُ ثَمِينُ
خَلا فِي عُيُونِ النَّاظِرِينَ مَكَانَهُ … وَمَنْزِلُهُ فِي الذِّكْرَيَاتِ مَكِينُ
أَيَنْسَى وَفِي الأَعْقَابِ آثَارُ فَضْلِهِ … سَتَبْقَى وَمَا لِلصَّالِحَاتِ مَنُونُ
فَفِي رَحْمَةِ اللهِ الكَرِيمِ مُجَاهِداً … بِأَوْفَى جَزَاءٍ فِي النَّعِيمِ قَمِينُ