هو الخطب حتى ينكر التاج صاحبه – أحمد محرم
هو الخطب حتى ينكر التاج صاحبه … وحتى يظن العرش حتفاً يراقبه
لئن ماد عرش الفاتحين بربه … لقد زلزلت من كل عرشٍ جوانبه
وبات على التيجان إذ ريع تاجه … نذيرٌ يروع المستبدين ناعبه
تكشف ظل الملك عنه وأقلعت … مواسمه عن بابه ومواكبه
وعطل من نور الخلافة أفقه … فأمسى وما تنجاب عنه غياهبه
ثوى عاثر الآمال يؤنسه الأسى … وتوحشه أوطاره ومآربه
كأن جلال الملك لم يبد حوله … مهيباً ولم تضرب عليه مضاربه
كأن السرايا والفيالق لم تسر … إلى الموت تثني دونه من يحاربه
كأن رؤوس الصيد لم تك خشعاً … لدى بابه المرجو بالأمس حاجبه
كأن بغاة الجود والمجد لم تفد … عليه ولم تهطل عليهم مواهبه
كأن بناة الشعر لم تغش بابه … بمستعلياتٍ تزدهيها مناقبه
كأن الألى زانوا المنابر باسمه … أحلوا بدين الله ما لا يناسبه
طووا ذكره واستودعوا الله عهده … وكل امرئٍ رهنٌ بما هو كاسبه
أرى الناس من يقعد به الدهر ينقموا … عليه وإن كانت قليلاً معايبه
ألم يك ظل الله بالأمس بيننا … نلوذ به والخطب ضنكٌ مذاهبه
أنطريه قهاراً ونؤذيه مرهقاً … كفى الليث شراً أن تفل مخالبه
أما في الثلاثين اللواتي تصرمت … ذمامٌ لمنكوبٍ توالت نوائبه
ألم يقض منها ليلة ً نازع الكرى … مخافة عادٍ يفزع الملك واثبه
ألم يستطر يوماً لخطبٍ مساورٍ … محافظة ً من أن تسوء عواقبه
ألا راحم هل من شفيعٍ أما كفى … أكل بني الدنيا عدوٌ يغاضبه
أكان يريد السوء بالملك أم يرى … مسرته في أن ترن نوادبه
أكل مآتيه ذنوبٌ أكله … عيوبٌ ألا من منصفٍ إذ نحاسبه
أكل ذوي التيجان بالعدل قائمٌ … أما فيهمو ما لا تعد مثالبه
أليس الألى غشوه أجدر بالأذى … وأولى الورى بالشر من هو جالبه
هم اكتنفوه بالدسائس وافتروا … من القول ما يعمى عن الرشد كاذبه
وهم خوفوه الموت حتى كأنما … يلاقيه في الماء الذي هو شاربه
يظن ثنايا التاج تضمر ثائراً … يناوشه من فوقه ويشاغبه
وأن سرير الملك راصد حتفه … يخاتله عن نفسه ويواربه
عنوا بولاة السوء فالشعب سلعة ٌ … بأيديهمو والملك فوضى مناصبه
يقرب ذو الزلفى ويقصى أخو الحجى … ويظلم ذو الحق المؤكد واجبه
ويأبى احتمال الضيم من لا يطيقه … فينكب أو ينفى من الأرض صاحبه
ورب شهيدٍ يضحك الحوت حوله … ويندبه أخدانه وأقاربه
مساوئ لو يدري الإمام خفيها … لظل وما يرقا من الدمع ساكبه
بأي مجنٍ يمنع الملك ربه … ومانعه عادٍ عليه فسالبه
رعى الله قوماً أنهضوا عاثر المنى … وصانوا حمى عثمان فارتد طالبه
وحيا الإمام المرتضى وأعزه … ولا زال أفق الملك تزهى كواكبه