نبا بك خلف الظاعنين وساد – بشار بن برد
نبا بك خلف الظاعنين وساد … وَمَا لَكَ إِلاَّ رَاحَتَيْكَ عِمَادُ
لخدك من كفيك في كل ليلة ٍ … إِلى أَنْ تَرَى وَجْهَ الصَّبَاحِ وِسَادُ
كأَنَّكَ للشَّوْقِ الْغَرِيبِ إِذَا سَرَى … منَ الْوَجْهِ مَشْدُودٌ عَلَيْكَ صِفَادُ
تَبِيتُ تُرَاعِي اللَّيلَ تَرْجُو نَفَادَهُ … وليس لليل العاشقين نفاد
تَقَلّبُ في داجٍ كأنّ سَوَادَه … إذا انجاب موصول إليه سواد
أبَى لَكِ إِغْمَاضُ الخَلِيِّ جُفُونَهُ … على النَّوْمِ عَيْنٌ صَبَّة وَفُؤَادُ
وطول جهاد النفس فيما تتبعت … وإدراكك النفس اللجوج جهاد
وَبعْدُ الْمَدَى مِنْ غَايَة ٍ لَوْ جَرَيْتَها … إِلَى هَجْرِ سُعْدَى مَا هَجَاكَ بِعَادُ
ولكن عقلي مجلساً بعد مجلسٍ … لنفسك مما لا تنال فساد
أفالآن تستشفي طبيبك سلوة ً … وَقَدْ ظَعَنَتْ سُعْدَى وَقَلْبُكَ رَادُ
أرَى النَّفْسَ قَدْ ضنَّتْ عَلَيْكَ بِنَيْلِهَا … وَضَنَّت عَلَيْهَا بِالنَّوَالِ سُعَادُ
وَمَا بِكَ إِنْ لمْ تُعْطَ تِلْكَ جَلاَدَة ٌ … وَمَا مِنْكَ إِنْ لَمْ تَلْق رُقَادُ
لقد صادني ريمٌ أردت اصطياده … وَمَا كُنْتُ لَوْلاَ مَا أرَدْتُ أُصَادُ
إِذَا طَارِفُ الحُبِّ انْجَلَى عَنْكَ هَمُّهُ … ثَنَاهُ مِنَ الْحُبِّ الدَّخِيلِ تلاَدُ
لقد صرحت عما تجمجم طعنة ٌ … شجيت بها حتى ظللت تعادُ
تداعت لك الأهواء فازددت عبرة ً … وللدمع من بين الحبيب مداد
فقل في صديق يحسبُ الغي رشدة ً … وفي بعض حوزات الخليل رشادُ
يُؤَخِّرُ مَا تَعْجِيلُهِ لكَ راحَة ٌ … فَتَحْيَا كُرُوبٌ كُلُّهُنَّ شِدَادُ
إِذَا قُلْتُ إِنِّي قَدْ لَقِيتُ شَقَاوَة ً … بِحُبِّكَ قالَتْ لي وَسَوْفَ تُزَادُ
لَنَا غِلْظَة ٌ مِنْهَا وَلِينُ مَقَالة … وَلَوْعَة ُ هَجْرٍ مرَّة ً وودَادُ
فوالله ما أدري وكل مصيبة ٌ … بأي مكيدات النساء نكاد
لقد صادني ريمٌ أردت اصطياده … وَمَا كُنْتُ لولا مَا أرَدْتُ أصَادُ
جميل المحيا حظهُ منك نسبة ٌ … وَحَظُّكَ مِنْهُ لَوْعَة ٌ وَسُهَادُ
إِذَا أنِسَتْ مِنْ عَاجِلِ البَينِ… رَجَاءً بِأخْتِ النّاسِ حِيْنَ تُذادُ
غرور مواعيد كأن جداءها … جدا بارقاتٍ مزنهن جمادُ
على الدَّهْرِ ما مَنَّتْكَ سُعْدَى وَدُونَهُ … لأم المنايا مبتدى ومعادُ
فهل أنت إن لم يعطك الدهر رأسه … مُذَلِّلُهُ حَتَّى تَرَاهُ يُقَادُ
وإلا فدع عنك الصبابة فالشفا … على إثر من تهوى وفيك مدادُ