متى ينهض الشرق من كبوته – أحمد محرم

متى ينهض الشرق من كبوته … وحتى متى هو في غفوته

كبا وكذلك يكبوا الجواد … براكبه وهو في حلبته

ونام كما نام ذو كربة ٍ … تملكه اليأس في كربته

وهي عزمه ما يطيق الحراك … وقد كان كالليث في وثبته

تجر عليه عوادي الخطوب … كلاكلها وهو في غفلته

نواهب ما كان من مجده … سوالب ما كان من عزته

فلا هو يدفع عن حوضه … ولا هو يمنع من حوزته

لعاً أيها الشرق من عثرة ٍ … بها نهض الغرب من عثرته

لقد كنت تسبقه أعصراً … وقد كان يظلع في مشيته

إلى المجد حين تذريته … وحين تضاءل عن ذروته

سما الغرب واعتز بعد الذي … رأى القوم ما كان من ذلته

وجد يروم كبار الأمور … فقد أصبحت وهي من بغيته

فأدرك ما أعجز المدركين … ولم يثن ذلك من همته

بلى هو في سعيه دائبٌ … تزيد الكوارث في قوته

إذا نابه حادثٌ رائعٌ … تخور العزائم من خشيته

دعا من بنيه مطاعٌ مجاب … تخف الجموع لدى دعوته

كراماً يكرون مسترسلين … كمبتدر الغنم في كرته

هم يجبرون المهيض الكسير … إذا فلل الدهر من شوكته

وهم يكرمون السري الكريم … ولا يحمدون سوى سيرته

وهم ينصفون ولا يظلمون … كمن أصبح الظلم من شيمته

فلا يرفع المرء عن قدره … ولا يخفض الشيء عن قيمته

خلالٌ غدت غرة ً للخلال … وهل حسن شيءٍ سوى غرته

تحلى بها الغرب سقياً له … وبورك فيه وفي حليته

لقد كان في حفرة ٍ ثاوياً … ولكن ثوى الشرق في حفرته

فيا لهف قلبي لمجدٍ مضى … ويا شوق نفسي إلى عودته

ويا لهف آبائنا الأولين … على الشرق إن ظل في نكبته

همو غادروه كروضٍ أريضٍ … تتوق النفوس إلى نضرته

ونحن تركناه للعاديات … ولم نرع ما ضاع من حرمته

فأذهبن ما كان من حسنه … وأفنين ما كان من بهجته

فهل يسمع القول أهل القبور … خطيبٌ فيسهب في خطبته

يناديهم فيم هذا الرقاد … كفى ما دهى الشرق من رقدته

لقد ضاع بعدكم مجده … وكل المثالب في ضيعته

وأنتم رجالٌ ذوو نجدة ٍ … فلا تقعدوا اليوم عن نجدته

لكم عزماتٌ صلابٌ شداد … يلين لها الدهر في شدته

قواصم للمعتدي المستطيل … عواصم يحمين من صولته

بها يدرك الشرق ثاراته … فيشفى وينقع من غلته

سقى الله سكان تلك القبور … غيوثاً هوامع من رحمته

وعزى بني الشرق عن مجده … وبارك للغرب في أمته