لقد رحلت عن ودِّنا فيه جفوة ٌ – حيدر بن سليمان الحلي

لقد رحلت عن ودِّنا فيه جفوة ٌ … وبعد الجفا فيه يُراجعُ بالودِ

فنحن على ما كان من عهد حبّه … أقمنا ولم نعزمْ رحيلاً عن العهد

وكم ليلة ليلاء فيه سهرتها … وقد ملَّ طرق النجم فيها من السهد

يبيت خلياً قلبهُ من صبابة ِ … ولم يدر من برح الصبابة ما عدي

وكنّا إذا شطَّتْ بنا الدار أو دنتْ … صفيين لم نكدرْ على القرب والبعد

وإني لتصيبني على النأي والجفا … إليه سجايا منه أحلى من اشهد

خليليَّ عندي اليوم لو تعلمانه … عجيبُ غرامِ فاسمعا منه ما أبدي

ألم يزعموا أن القلوب لأهلها … شواهدُ منهم بالقطيعة والوّد

فما بالُ قلبي محكماً عقدة الهوى … لمن حلَّ من حبل الهوى محكم العقد؟

وهل أنا وحدي يا خليليَّ هكذا … وجدت به أم هكذا كل ذي وجد؟

وبالفرد من أعلام نجدٍ سقى الحيا … عهودَ حمى ذيالك العلم الفرد

منازل يستوقفن كلَّ أخي هوى ً … ويحبسن أيدي الواخدات عن الوخد

لنا طلعتْ في غربها الشمس آية … فقلتَ لنا البشرى بها ظهر المهدي

أتى الخلفُ ابن المجتبي الحسن الذي … غدا قائماً بالحق يهدي إلى الرشد

إمامُ هدى ً نور النبوة زاهرٌ … بطلعة بدرٍ وهي كاملة السعد

ومن عطفه نشرُ الإمامة فائحٌ … له أرجٌ يغنيك عن أرج النّد

به حفظ الباري شريعة جدّه … وشيّد من أركانها كلَ منهّد

فقام بمبيَّضٍ من الرشد هادياً … إلى الحق في داجٍ من الغيّ مسود

بقية ُ أهل العلم والحلم والحجى … وأهل التقى والبرّ والنسك والزهد

ولولا احترامي باقر العلم قلتُ ما … له من ذوي العلم الأفاضل من ندّ

فتى ً حببتْه في النفوس شمائلٌ … شذاهنَّ أذكى من شذا الشيح والرند

وطبعٌ كطبع الروض رقَّ هواؤه … بأسرار ريّاه تذيع صَبا نجد

وخلقٌ به لو يمزج الماءَ شاربٌ … لما شكَ فيه أنه الكوثر الخلدى

معيدٌ لما أبدأه في الجود لا كمن … إذا جاء لا يغدو معيداً لما يبدي