قيثارَتي لَم أُلَطِّخها بِأَقذارِ – الياس أبو شبكة
قيثارَتي لَم أُلَطِّخها بِأَقذارِ … عَلى طَوافي بِها في بُؤرَةِ العارِ
عَذراءُ تَتَّهِم العُرّى بكارَتها … في كُل خَمّارَة أَصغَت لِأَوتاري
وَكُلُّ قاذورَة تَرقى بِعورتها … إِلى لسانٍ ذَريف الخُبثِ سَيّار
تَنكّر الخفر المَمسوخ في دَمها … يَزخرف عاقِر في مَنطِق عارِ
أَوتار قيثارها الموبوء فاجِعَة … كَأَنَّها حَيَّة لاذَت بِقيثارِ
أَفعى أُصيبَت بِحمّى المَجدِ فَاِنقَلَبَت … مِن كَهفِها مِزَقاً سَكرى عَلى الغارِ
إِبليسُ خُذ هذِهِ العَرّى فَإِن بِه … ما في جَحيمِك مِن زَفت وَمن نارِ
خُذها إِلَيكَ وَعَقِّمها فَلا حَبَلَت … أُنثى مِن الأنس بِالكِبريتِ وَالقارِ
كَم شاعِر خبثَت فيهِ عَرائِسُه … فَراحَ يُملي بِأَنياب وَأَظفارِ
مِن المَواخيرِ أَو حينَ الجَمال لَهُ … مُعَرَّف الشَهوَة السُفلى بِأَزهارِ
وَجئنَه بِأَكاليلِ مُفَجَّعَة … نَمَت سموماً عَلى حافاتِ أَوجارِ
تاج مِن الدَرك الأَدنى يَطوفُ بِهِ … عَلى الخَفافيشِ في أَشلاءِ أَطمارِ
تَسيرُ في رَكبِهِ الأَقزامُ حاشِيَةٌ … قامَت لِتَأييدِهِ في مُلكِهِ الهاري
تَهَتَّكَت سُخُرِّياتُ الخُلودِ بِهِ … فَصاحَ تِلكَ عَلى الأَجيالِ آثاري
لا يَضمر الحُبُّ إِلّا في مَحاجِرِه … فَعَينه لِلهَوى وَالقَلبُ لِلثارِ
إِبليسُ خُذه وَعَقِّمهُ فَلا نَشَأَت … مِن صُلبِهِ أُسرة شَوهاء في دارِ
كَم عاشِقٍ راغَ مِن عَذراء طاهِرَة … عُلَّت مِن المَلَإِ الأَعلى بِأَنوارِ
باكورَة الحُبِّ أَبقى في مَراشِفِها … ثَديُ السَماءِ رَضاعَ الفاطِرِ الباري
حَتّى إِذا أَدنَأَت فيهِ وَفاجَرَها … وَقامَ يَطرَحَها عَن جِسمِهِ الضاري
أَهوَت عَلى يَأسِها وَاليَأسُ يَنخَزُها … إِما الضَريحُ وَإِما العارُ فَاِختاري
وَكَم وَليّ رَعى شَعباً فَأَهلَكَه … تَرغي عَلى زُهدِهِ أَرياقُ عشّارِ
وَحاكِم سَفَلَت فيهِ وَداعَتَهُ … فَأَظهَرَت حَملاً في قَلبِ جَزّارِ
إِبليسُ خُذهُم جَميعاً في بَراقِعِهِم … وَاِرفَع جَناحَك عَن أَبكارِ أَوتاري
خُذهُم إِلَيكَ فَلا عادَت سُلالَتَهم … وَعَقِّمِ النارَ يا إِبليسُ بِالنارِ