غَلَبَ المَوْتُ فَالْحَيَاةُ ثَكُولُ – خليل مطران
غَلَبَ المَوْتُ فَالْحَيَاةُ ثَكُولُ … مَا خَلاَ مِنْكَ قَلْبُهَا المَشْغُولُ
فِي الْعُبَابِ الْعرِيضِ مِنْهَا خُفُوقٌ … مَوْجُهُ آخِرَ المَدَى يَسْتَطِيلُ
وَإِلَى الضَّعْفِ قُوَّةُ الْبَأْسِ آلَتْ … بَعْدَ أَنْ نَاصَرَتْهُ فَهْيَ خَذُولُ
سَادَ فِي مَوْضِعِ الحَرَاكِ سُكونٌ … عَادَ فِيهِ بِالخَيْبَةِ التَّأْمِيلُ
وَتَوَارَتْ فِي الْغَيْبِ زُهْرُ المَعَالِي … وَتَدَاعَى التَّشْيِيدُ وَالتَّأْثيلُ
أَسَفاً أَنْ يَبِيتَ مُغْتَمَداً فِي الترْ … بِ سَيْفُ العَزِيمَةِ المَسْلولُ
وَإِذَا مَا قَضَى هُمَامٌ وَإِنْ طَا … لَتْ سِنُوهُ فَفِي الرَّدَى تَعْجِيلُ
مِصْرُ تَبْكِيكَ وَالشَّآمُ جَزُوعٌ … لَيْسَ بِدْعاً مَا الرَّاحِلُونَ شُكُولُ
بَيْنَ مَيْتَيْنِ مِنْ أُولِي الْيُسْرِ … قَدْ يَبْلُغُ أَقْصَى غَايَاتِهِ التَّفْضِيلُ
ذَاكَ يَمْضِي وَلاَ يُحَيَّى وَهَذَا … لَيْسَ يَكْفِي مُؤَبِّنِيهِ العَوِيلُ
أَعَجِيبٌ وَأَنْتَ نَادِرَةُ القَطْرَيْنِ … أَنَّ النفُوسَ حُزْناً تَسِيلُ
هُوَ أَمْرٌ لِمَنْ بَكَى فِيهِ عُذْرٌ … إِنَّمَا الصَّبْرُ فِي سِوَاهُ جَمِيلُ
ضَرَبَ الضَّربَةَ الَّتِي هَوَّنَتْ … كُلَّ شَكَاةٍ وَأَخْرَسَتْ مَنْ يَقُولُ
فَلْيَدرْ فِي مَدَارِهِ الفِكْرُ حَيْرَا … نَ وَيجْمدْ بِالنَّاظِرينَ الذُّهولُ
أَي نَوْحٍ يَفِي بِحَقِّ امْرِيءٍ كَا … نَ عَلَيْهِ لأُمَّةٍ تَعْوِيلُ
أَرَأَيْتُمْ سَيْرَ السَّرَاةِ بِتَابو … تٍ عَلَيْهِ عَمِيدُهمْ مَحْمولُ
وَاحْتِمَالِ الْعفَاةِ نَعْشَ أَبِيهِمْ … موشِكاً أَنْ يَسْعَى بِهِ التَّقْبِيلُ
مَا دَهَى المَحْمَدَاتِ يَوْمَ ثَوَى … بِالْقَاعِ ذَاكَ المُيَمَّمُ المَسْؤُولُ
أَصْبَحَ الثَّغْرُ فِيهِ بَعْدَ ابْتِسَامٍ … وَهْوَ قَلْبٌ إِلى الأَسَىَ مَوْكولُ
وَجَرَى النِّيلُ لاَ يُحَارِيهِ بَعْدَ … اليَوْمِ فِي فَيْضِهِ أَخُوهُ النَّيلُ
يَا سَمِيِّي وَهَكَذَا كُنْتَ تَدْعُو … نِي وَأَدْعُوكَ وَالْكَرِيمُ وَصولُ
كُلُّ وُدٍ يَدُولُ لَكِنَّ وُدِّي … لَكَ مَا دُمْتُ ثَابِتٌ لاَ يَدُولُ
أَنَا مَنْ إِنْ دَعَتْ إِليْكَ حُقُوقٌ … مَا تَوَانَى وَإِنَّهُ لَعَلِيلُ
وَقَد وَفَدْنَا وَهَؤُلاَءِ هُمُ الصَّحْبُ … وَهَذَا النَّادِي فَايْنَ خَلِيلُ
أَيْنَ تِلْكَ الشَّمَائِلُ البَارِعاتُ الظْرفِ … أَيْنَ الحَدِيثُ وَهْوَ الشَّمُولُ
أَيْنَ تِلْكَ الأْلطَافُ وَالشِّيَمُ الحُسْنَى … جَلَتْهَا وَسَلْسَلَتْهَا الأُصُولُ
أَيْنَ ذَاكَ البَهَاءُ وَالطَّلْعَةُ الْغَرَّا … ءُ وَالرَّوْنَقُ الَّذِي لاَ يَحُولُ
أَيْنَ مَنْ فِي أَسِرَّةِ الوَجْهِ مِنْهُ … لِمَعَانِي فُؤَادِهِ تَمْثِيلُ
يَلْبسُ اللِّبْسَةَ البَدِيعَةَ لاَ … يخْتَالُ أَمَّا مَكَانَها فَيْخِيلُ
زَاهِياً عِزَّةً وَفِي الحقِّ أَنْ يَعْتَزَّ … مَنْ تَقْصُرُ الوَرَى وَيطُولُ
مَالَتِ السِّنُّ بِاللِّدَاتِ وَما كَا … نَ سِوَى السَّمْهَرِيِّ حِين يَمِيلُ
صَارَ شَيْخا وَفِي العُيُونِ فَتًى … غَضٌّ يُرَى بِالظُّنُونِ فِيهِ ذُبُولُ
طَالَ عَدُّ السِّنِينَ لَكِنَّهُ ظَلَّ … وَمَا فِي حَالٍ لَهُ تَبْدِيلُ
عَزْمُهُ عَزْمُهُ فَإِزْماعُهُ الإِنْفَاذُ … وَالبَدْءُ بِالمَسِيرِ الوُصُولُ
كُلَّ يَوْمٍ لَهُ يُجَددُ سُولٌ … فِي المَعَالِي وَلاَ يُخَيَّبُ سُولُ
يَبْلُغُ القَصْدَ بِالمُحَاوَلَةِ المُثْلَى … وَمِنْ دُونِهِ صِعَابٌ تَحُولُ
يَجِدُ الحَلَّ فِي المَعاضِلِ مَيْسُو … راً وقَدْ أَعْيَتِ الثِّقَاتِ الحُلُولُ
كَمْ لَهُ فِي النِّضَالِ وَقْفَةُ لَيْثٍ … بَاءَ مِنْهَا وخَضْمُهُ مَنْضُولُ
يَومُهَا يوْمُهَا وَلِلسَّعْدِ فِيهِ … غُرَرٌ ذَاتُ رَوْعَةٍ وَحُجُولُ
وَعَنِ البِرِّ مِنْ خَلِيلٍ فَحَدِّثْ … يَوْمَ لاَ يَعْرِفُ الخَلِيلَ الخَلِيلُ
وَعَنِ الرِّفْقِ بِالحَرِيبِ وَعَنْ عَوْ … لِ اليَتِيمِ الغَرِيبِ فِيمَنْ يَعُولُ
وَعَنِ الدَّأْبِ فِي مُوَاطِنِهِ حَتَّى … لَيغْدُو فِي المُمْكِنِ المُسْتَحِيلُ
تِلكَ آياتُ فَضْلِهِ إِذْ لَهُ … التَّقْدِيمُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالتَّبْجِيلُ
وَالوَجَاهَاتُ لاَ تَكُونُ وَجَاهَا … تٍ صِحَاحاً حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ
هَلْ سِجِلٌّ لِلْفَخْرِ إِلاَّ وَفِيهِ … لاسْمِهِ فِي افْتِتَاحِهِ تَسْجِيلُ
منَحَتهُ المُلُوكُ أَلقَابَهَا … العُلْيَا وَفِي قَدْرِهِ لَهَا تَأْهِيلُ
مِنَحٌ كُرِّرَتْ فَسَرَّتْ كَمَا كُرِّ … رَ فِي المَسْمَعِ النَّشِيدُ الجَمِيلُ
أَيُّ مَجْدٍ لِمِثْلِهِ فَوْقَ هَذَا … بَيْنَ قَوْمٍ كَقَوْمِهِ مَأْمُولُ
أَدْرَكَ المُنْتَهَى وَمَنْزِلَتَاهُ … شَرَفٌ بَاذِخٌ وَجَاهٌ أَثِيلُ
مَادِدِ الأُفْقَ أَيهَا البَحْرُ وَاسْطَعْ … أَيُّهَا البَدْرُ وَاسْتَفِضْ يَا نِيلُ
وَاعْتَزِزْ أَيَّهَا الغَمَامُ المُعَلَّى … وَاهْتَزِزْ أَيُّهَا الحُسَامُ الصَّقيلُ
كُلُّ شَيءٍ يُزْهى بِآيَاتِهِ الحُسْنَى … فَكَيفَ المُخَيَّرُ المَسؤُولُ
طَرَبٌ أَنَّكَ الهُمَامُ المُرَجَّى … نَشْوَةٌ أَنَّكَ القَؤولَ الفَعُولُ
بَعْضُ هَذَا وَلاِبْنِ آدَمَ أَنْ يَغْتَرَّ … مَا الشَّأْنُ وَهْو هَذَا ضَئِيلُ
لَكِنِ النْفسُ آثَرَتْ لَكَ أُنْساً … فِي السَّجَايَا لَهَا بِهِ تَكْمِيلُ
فَتَوَاضَعْ للهِ شُكْراً عَلَى أَنَّكَ … فَرْدٌ فِي الجِيلِ يَفْدِيهِ جِيلُ
وَعَلَى أَنَّ جَوهَرَ الأُنْسِ لَمَّا … حَلَّ فِي الإِنْسِ كَانَ فِيكَ الحُلُولُ
كُلُّ دِينٍ قِوَامُهُ بِرَسُولٍ … وَلِكُلٍ مِنَ السَّجَايَا رَسُولُ
أَنْتَ أَنْتَ النَّبِيلُ لاَ يَدَّعِي مَا … لَيْسَ فِيهِ مَا كُلُّ مُثْرٍ نَيِبلُ
أَنْتَ فِي كُلِّ حَلْبَةٍ صَاحِبُ السَّبْقِ … وَقَدْ تَعْرِفُ الكُمَاةَ الخُبُولُ
فِي مَدَى جُودِكَ الصَّوَافِنُ تَجْرِي … وَثَنَاءٌ عَلَيْكَ مِنْهَا الصَّهِيلُ
إِنَّ فِي صَهْوَةِ الجِيَادِ لَعِزّاً … صَائِناً لِلنُّفُوسِ مِمَّا يُذِيلُ
مَنْصِبٌ حُفَّ بِالمَخَاطِرِ لَكِنْ … قَلَّمَا مُسْتَقِلُّهُ يَسْتَقِيلُ
هَاضَ عَظْمِي وَمَا تَرِحْتُ عَلَى العِلاَّ … تِ مُنْذُ الصِّبَا إِلَيْهِ أَمِيلُ
يَا أَخَاً الرَّأْيِ لاَ يَطِيشُ إِذَا طَا … شَ لِحِرْصٍ فِي النَّفْسِ رَأْيٌ أَصِيلُ
مَا اتْخَذْتَ الثَّرَاءَ إِلاَّ سَبِيلاً … لِدِرَاكِ العُلَى وَنِعْمَ السَّبِيلُ
لاَ كَرَهْطٍ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّ أَسْمَى … غَايَةٍ لِلْفَتَى هيَ التَّموِيلُ
لُعِن المالُ أَوْ يُكَفِّرَ عَنْهُ … سَبْبُ مَنْ يقْتَنِيهِ وَالتَّنْويِلُ
كَيْف بِالثْرْوةِ ابتَنَاها لِرهطٍ … شُحُّهُم والخِدَاعُ والتَّطْفِيلُ
نَكبةُ الشَّرْقِ مُحْدِثونَ حَقِيقو … نَ بِأَنْ تَرجَح الدّبى وَيَشِيلُو
كُل جَمْعٍ مِنْهُمُ فِدى وَاحِدٍ … يَنْفَعُ وَالفَضْلُ أَيْنَ مِنْهُ الفُضُولُ
لَيْتَ قَومِي لَهُمْ قلُوبٌ جرِيئَا … تٌ عَلَى ما تَدْعُو إِلَيهِ العُقُولُ
لَمْ يكُونُوا إِذَنْ وَأَسقَطهُمْ أَرْ … فَعُهمْ وَالسمُوُّ فِيهِم سُفولُ
وَغَرِيبُ الأَلقَابِ فِيهِم كَثِيرٌ … وَرحِيبُ الجَنَابِ فِيهِم قَلِيلُ
وَالأجَلُّ الأجَلُّ مِنْهُم زَرِيٌّ … وَالأعَزُّ الأعزُّ مِنهُم ذَلِيلُ
قَد مَضَى لاَ أَعادَهُ اللهُ عصْرٌ … عُبِدَت فِيهِ لِلنُّضَّارِ العُجُولُ
خصَّ بِالقَدْرِ صَاحِبُ الوَفْرِ حَتَّى … وَهْوَ لِلصْخْرِ بِالجَفَاف مَثيلُ
أَخَذَ النَّاسُ بِالتَّيَقُّظِ لِلوَا … جِبِ فَلْيَتَّعِظْ وَيصْحُ الغَفُولُ
تَقْتَضِي الثَّرْوَةُ الزَّكَاةَ فَمَنْ جَا … دَ فَرَأْسٌ وَالمُمْسِكُونَ ذُيُولُ
بَطَلَ الزورُ فَالغَبِيُّ غَبِيٌّ … رَغْمَ نَقْدَيهِ وَالجَهُولُ جَهُولُ
وَاخْتِلاَسُ التَّبْجِيلِ فِي غَيْرِ شَيءٍ … عَادَ ذَنْباً لَهٍ عِقَابٌ ثَقِيلُ
إِنَّ مَن أَفْسَدَ النِّظَامَ وَمَنْ ها … جَ عَلَيْهِ الطَّغَامَ لَهُوَ البَخِيلُ
وَأَحطُّ الشُّعُوبِ ذَاكَ الَّذِي … يُعْذَرُ فِيهِ المُقَتِّرُ المَرْذُولُ
قِيلَ خَيَّاطُ يَبْتَغِي الحَمْدَ أَجْراً … آفَةُ المَأْثُرَاتِ هَذَا القِيلُ
كلُّ نَوْعٍ مِنَ العَطَاءِ لَهُ حُسْنٌ … وَخَيْرٌ أَلاَّ يُذَاعَ الجَميلُ
لَكِنِ الشُّكْرُ وَاجِبٌ وَفَسَادٌ … فِي مَعَانِيهِ ذَلِكَ التَّأوِيلُ
أَوَ مَا صَحَّ أَنْ فِي كُلِّ عَصرٍ … أَنْذَرَ النَّاسِ مُحْسِنٌ مَجْهُولُ
سُدَّ مَا اسطَعْتَ مِنْ مَفَاقِرَ وامْنَعْ … عِرْضَ حُرٍّ سِتَارُهُ مَسْدُولُ
وأْسُ جُرْحِ المِسْكِينِ وَامْسَحْ قَذَاهُ … أَنَا بِالحَمْدِ مَا اشْتَهَيْتَ كَفِيلُ
قَدْ تَقَاضَى اللهُ الثْنَاءَ مِنَ … العَبْدِ فَمَاذَا يَقُولُ فِيهِ العَذُولُ
وَلِمَاذَا نَفْخ المَلاَئِكِ فِي الصُّو … رِ وَفِيمَ التَّسْبِيحُ وَالتَّرْتِيلُ
أَتُرَى كَانَ خَالِقُ الخَلْقِ مِمَّنْ … يَسْتَخِفُّ التَّزْمِيرُ وَالتَّطْبِيلُ
سُنَّةُ سنَّهَا يُرِيدُ هُدَى الخَلْقِ … بِهَا وَاخْتِلاقُهَا تَضلِيلُ
عُدْ إِلى اللهِ يَا خَلِيلُ فَمَا … يَنْتَقِصُ الشُّكْرَ عِنْدَه تَعْلِيلُ
قَدْ تَبَدَّلَتَ بِالفَنَاءِ خُلُوداً … فِي نَعِيمٍ وَحُبَّ ذَاكَ البَدِيلُ
فَعَزَاءً يَا أُمَّةً غَابَ عَنْهَا … وَجْهُهَا السَّمْحُ وَالرَّئِيسُ الجَلِيلُ
وَعَزَاءً يَا خَيْرَ زَوْجٍ شَجَاهَا … بَاقِيَ العُمْرِ أَنْ يَبِينَ الخَلِيلُ
وَعَزَاءً يَا فَاقِدَيْ خَيْرَ صِنْوٍ … لَكُمَا بَعْدَهُ البَقَاءُ الطَّوِيلُ
وَعَزَاءً يَا صَحْبَهُ فِي أَخٍ قَدَّ … مْتُمُوهُ وَكَانَ نَعْمَ الزَّمِيلُ
وعَلَيْكَ السَّلاَمُ فِي الرَّمْسِ وَالرَّ … حْمَةُ يَهْمِي بِهَا سَحَابٌ هَطِولُ
لَوْ تَدُومْ الأحْيَاءُ مِنْ أَجْلِ فَضْلٍ … دُمْتَ لَكِنْ كُلُّ حَيٍّ يَزُولُ