عَرَضٌ تَقَضَّى لمَّ يَمُسِّ الْجوْهَرَا – خليل مطران
عَرَضٌ تَقَضَّى لمَّ يَمُسِّ الْجوْهَرَا … فالْحَمْدُ لِلْمَوْلى عَلى مَا قَدَّرَا
صَانَتْ فؤَادَكَ مِنْ لَدُنْهِ عِنَايَةٌ … جَعَلَتْ شِفَاءَكَ لِلْعِنَايةِ مظْهَرَا
وَأَرَتْكَ مِنْ حُبِّ السَّرَائِرِ آيةً … فِي غَيْرِ هاِتكَةِ السَّرائِرِ لا تُرَى
يَا نَيِّراً جِرْؤُ السِّقَامِ فَنَالهُ … عَجَباً أَيقْتَحِمُ السِّقَامُ النَّيِّرَا
خِلْنَا مَكَانَتَكَ السَّنِيَّةَ مَأْمَناً … مَنْ بَلَّغَ الأَدْوَاءَ هَتِيك الذُّرَى
هَزَّتْ لِحَادِثِكَ الربَى وَتحَرَّكَتْ … لُجَجُ الأَثِيرِ ورُوِّعَتْ مُهَجُ الْوَرَى
وَكَأَنَّمَا فِي كُلِّ صدْرٍ غُصَّةٌ … مِمَّا عرَا الصَّدْرَ الأَبرَّ الأَطهَرَا
رَيْبٌ تغشَّى كَالغَمَامِ فَمَا انْجَلى … حَتَّى انْثَنَى صُوْتُ النَّذِيرِ مُبَشِّرا
هدَأَتْ نُفُوسُ الْجَازِعِينَ وبَدَّلَتْ … فَرَحَا بِمَا شابَ الصَّفَاءَ وَكَدَّرا
فاغْنَمْ حياتَكَ بِالشَّبَابِ مُجَدِّداً … والْعَيْشُ أَرْغدُ ما عَهِدْتَ وَأَنْضَرَا
وَاسْتَأْنَفِ الأَيَّامَ بَعْدَ مَتَابِهَا … فِي نِعمةٍ أَوْفَى وَمَجْداً أَوْفَرَا
وَأَعِدْ إِلى هَذَا الْحِمى أَعْيَادهُ … تَزْهُو وتُزْهِرَ فِي المَدَائِنِ وَالقُرَى
لا غَرْوَ أَنْ يهْوَى الأَمِيرَ اَلْمُفْتَدَى … شَعْبٌ رَأَى فِيهِ الكَمَالَ مُصَوَّرَا
وَرَأَى حَمِيدَ بَلائِهِ فِي نَصْرِهِ … حَتَّى نَجَا مِنْ رِقِّهِ وَتَحَرَّرَا
ورَآهُ لِلشُّورَى ظَهِيراً صادِقاً … مُذْ سَاسَ فِي المُلْكِ الأُمُورِ وَدَبَّرَا
مُسْتَعْصِمٌ بِاللّهِ يَقْفُو دَائِماً … سِيراً بِهَا الْعُظمَاءُ زَانُوا الأَعْصُرَا
مهْمَا يُجَشِّمُهُ هَوَاهُ لِقَوْمِهِ … مِنْ طَائِلٍ لا يَلْفَهُ مُتَعَذِّرَا
إِيمَانُهُ يَحْمِيهِ فِي بأَسَائِهِ … والصَّبْرُ عِدَّتُهُ إِلى أَنْ يَظْفُرَا
آدَابُهُ لَمْ يُؤْتَهَا إِلاَّ امْرُؤٌ … صفَّى شَمَائِلَهُ التِّلادَ وَكَرَّرَا
فيَرَى الَّذِي يسْمُو إِليْهِ طَرْفُهُ … رَوْضاً مِنَ الشِّيَمِ الْحِسَانِ مُنَوَّرا
يَا منْ لَهُ مِنْ نَبْعتَيْهِ عِزةٌ … ليسَتْ تُسَامَى مَظْهراً أَوْ مَخْبَرا
فِي كُلِّ شأْنِكَ وَالوِصَايَةُ بَعْضُهُ … كُنْتَ النَّزِيهَ الحَازِمَ الْمُتَبَصِّرَا
وَجلوْتَ لِلدُّنْيا خِلالَ إِمَارَةٍ … جَعَلَتْكَ فِي كُلِّ الْقُلوبِ مُؤَمَّرَا
لِلْعِلْمِ وَالآدَابِ مِنْكَ رِعَايَةٌ … أَكَّدْتَهَا بِمآثِرَ لا تُمْتَرَى
أَشْرَعْنَ فِكْرَكَ لِلْقَرائِحِ مَوْرِداً … وَجَعَلنَ شُكْرَكَ لِلْمَدَائِحِ مَصْدَرَا
وَإِلى الْفنُونِ صَرَفْتَ فِطْنَةَ جَهْبَذٍ … يَتَخَيَّرُ الأَحْرَى بِانْ يتَخَيَّرَا
بَيْنَ الطَّرِيفَةِ وَالعَتِيقَةِ تُنْتَقَى … مَا هَيَّأَتْهُ يَدُ الصَّنَاعِ ليُذْخَرَا
طُوَّفْتَ فِي شَرْقِ الْبِلادِ وَغرْبِهَا … مُسْتَطْلِعاً مُسْتَقْصياً مُسْتَخْبِرا
تَفْرِي الفِرَا وَلا مَرَدَّ لِهِمَّةٍ … جُبْتَ البُرُورَ بِهَا وَجُزْت الأَبْحُرَا
وَبِوَصْفِكَ الأَسْفَارَ فِي أَسْفَارِهَا … أَحْضَرْتَهَا مَنْ فَاتَهُ أَنْ يحْضُرَا
كمْ مِنْ مَغَالِقَ لِلْعُقُولِ فَتَحْتَهَا … للّهِ دَرَّكَ بَاحِثاً وَمُفَكِّرَا
أَنَّى عَلى طِيبِ الزَّمَانِ وَخُبْثِهِ … مِمَّنْ يُعَمِّرُ وِدَّهُ مَا عمَّرَا
وَسَجِيَّتِي رَعْيِ الذِّمَامِ لِمُجْمَلٍ … أَأَقَلَّ مِنْ إِجْمَالِهِ أَوْ أَكْثَرَا
هَيْهَاتَ أَنْ أَنْسَى يَداً لَكَ طَوَّقَتْ … عُنُقِي وَشِيمَةُ مَنْ وَفَى أُنْ يَذْكُرَا
قُلِّدتَهَا وَبَنُو أَبِي وَعَشِيرَتِي … قِدَماً فَقَلِّدْنَا الْفِخَارَ الأَكْبَرَا
وَلَقَدْ شَكَرْتُ بِمَا اسْتَطعْتُ وَحاجَتِي … مَا دُمْتُ حَيّاً أَنْ أَعُوْدَ فَأَشْكُرَا
عَوْدُ السَّلامَةِ كانَ أَيْمَنَ نَهْزَةٍ … لأَبُثَ مَوْلايَ الوَلاءَ المُضْمِرَا