عندي إذا صرع الجنوب سبات – أحمد محرم

عندي إذا صرع الجنوب سبات … للناهضين تحية ووصاة

يا باعثي الآمال من أجداثها … مرحى فأنتم للبلاد حياة

خوضوا الغمار مكبرين فإنما … هي للرسول سرية وغزاة

والحق إن جرح الغواة جلاله … عطفت عليه أئمة وولاة

صرح الحياة إذا تصدع أو هوى … هوت النفوس وطاحت المهجات

تعفو الممالك أو تبيد إذا عفت … فيها الحقوق وبادت الحرمات

إن الألى خذلوا البلاد وضللوا … هذا السواد لمجرمون جناه

عصفت به الأهواء بعد هداته … وطغت على أحلامه الشهوات

فيم التناحر والبلاد أخيذة … وبنو البلاد مصفدون عناة

أفما يفيق الجاهلون فتنقضي … غمم الحياة وتنجلي الغمرات

من علم المسترسلين إلى الوغى … أن الجهاد سخائم وترات

لا خير في المتناحرين وإن أبوا … حتى تكون هوادة وأناة

الحرب تقصف في البلاد رعودها … والشعب تقصم صلبه النكبات

نزل البلاء به فقوم جوع … يتضورون وآخرون عراة

والمال غاد في الحقائب رائح … تمضي جلاوزة به وجباة

أقصى المواعد أن تمر عشية … بالمرء سلما أو تكر غداة

في كل حقل غضبة وملامة … وبكل دار أنه وشكاة

هل غودرت للزارعين وسيلة … أو خليت للصانعين أداة

ود الذي حرث الضياع لغيره … لو لم يكن زرع بها ونبات

هبني ملكت النخل هل هو نافعي … إن لم تكن لي من جناه نواة

لا كنت من شجر لنا أشواكها … نشقى بها ولغيرنا الثمرات

فدحت تكاليف الحياة وبرحت … بالقوم منها سادة وسراة

كانوا غياث المرملين إذا طغت … نوب الزمان وهالت الأزمات

لا يعرفون خذوا وليس لهم سوى … أن يؤمروا ذوقوا العذاب وهاتوا

العدل أن يعطى الأجير جزاءه … إن كان في البلد الأمين قضاة

علل البلاد إذا نظرت كثيرة … ومصائب الأهلين مختلفات

باك يعض على البنان وراقص … بين القيان تهزه النشوات

ما بال إخوتنا أهم أربابنا … أم نحن في إنجيلهم حشرات

أين الألى جرحوا البلاد من الألى … هم للممالك والشعوب أساة

الحق يؤلم لا القطيع معذب … يرعى الهوان ولا الذئاب رعاة

ويحي أما تزغ النفوس عن الهوى … عبر تمر كبارها وعظات

قد كان لي بين الجوانح معقل … هو للنفوس الهالكات نجاة

عجبت عوادي الدهر كيف يذيبها … وعجبت كيف تذيبه الحسرات

أو كلما نزلت بمصر ملمة … هاج الغليل وفاضت العبرات

مجزية بالسوء من أبنائها … وهي الرضية كلها حسنات

يهفو الحنان بقلبها فتحبهم … وقلوبهم من حبها صفرات

سلهم أهم للناصحين أحبة … أم هم خصوم تتقى وعداة

إنا لنطمع أن تثوب حلومهم … بعد المغيب وتسكن النعرات

ظنوا الظنون بنا فقالوا عصبة … ترجو المحال وإننا لثقات

لانوا بأيدي الغاصبين فلم تلين … للقوم في جد الأمور قناة

قوم تراهم خاشعين أذلة … ومن الرجال أذلة وأباة

ما الحكم ما الدستور ما هذا الذي … زعم الألى طلبوا الحياة فماتوا

طف بالمناصب والأرائك سائلا … ماذا تعاني الأعظم النخرات

وابك الكنانة إن من حرماتها … ألا تجف الأدمع الذرفات

إبك المولهة الثكول وقل لها … قعد الرجال وقامت النكرات

الله حسبك إن عنتك مضرة … ممن يخونك أو عرتك أذاة

لا تجزعي لصروف دهرك واثبتي … فالبأس صبر واليقين ثبات

ولأنت جامعة الدهور وأهلها … وكفاك ما جمعت لك المثلات

أنت التي ما فات علمك حادث … في الغابرين ولن يكون فوات

فيك الحياة جمالها وجلالها … ولك الزمان قواه والعزمات