طرب الحطيم وكبر الحرمان – أحمد محرم
طرب الحطيم وكبر الحرمان … واعتز دين الله بعد هوان
قامت سيوف الفاتحين بنصره … والنصر بين مهندٍ وسنان
ظمئت جوانحه إلى حر الوغى … فسقته شؤبوب النجيع القاني
تعدو الذئاب على ممنع غيله … والأسد غضبى والسيوف عوان
لا قبة الإسلام قائمة ٌ ولا … ملك الخلائف ثابت الأركان
يمضي تراث المسلمين موزعاً … والمسلمون نواكس الأذقان
ما بين مصر إلى طرابلس إلى … عدنٍ إلى القوقاز فالبلقان
كر الصليب عليه كرة حانقٍ … ضرم العداوة ثائر الشنآن
متوثبٍ من خلفه وأمامه … متألبٍ يلقاه كل أوان
يرميه من فوق الزمان وتحته … ويريه كيف يدين للحدثان
حار الهلال فما يحاول نهضة ً … إلا رماه محلق الصلبان
تمضي السيوف فما تجاور مقتلاً … إلا حماه تعصب الجيران
تعطي الوقائع حقها ويسوءنا … حنق الظبى وتعتب الفرسان
زعموا الحضارة أن يبيد طغاتهم … دين الحياة وملة العمران
ماذا يروع الظالمين وبيننا … أمن المروع ونجدة اللهفان
إنا بنو القرآن والدين الذي … صدع الشكوك وجاء بالتبيان
ضاعت حقوق العالمين فردها … وأقامها بالقسط والميزان
ظلم العزيز فهده وأهانه … وحمى الذليل فبات غير مهان
تعفو وما اشتفت السيوف ولا هفا … بصدورها شوقٌ إلى الأجفان
عصف الزمان بنا فكنا بينهم … كالشاة بين مخالب السرحان
جاروا على المستضعفين وروعوا … من بات في دعة ٍ وطيب أمان
منوا عليهم بالحياة ذليلة ً … محيا الذليل وموته سيان
يشكون حشرجة القتيل وعندهم … أن الحياة تكون في الأكفان
ولقد رأيت فما رأيت كظالمٍ … جم الشكاة وقاتلٍ منان
منع الخلافة أن تضام وحاطها … حامي الحجيج وناصر القرآن
جيشٌ يسير به النبي وحوله … جند الملائك بينه العمران
يهتز عمروٌ في اللواء وخالدٌ … ويمور حيدرة ٌ بكل عنان
أخذ الفوارس أخذ أغلب باسلٍ … ترتد عنه بواسل الأقران
خاض الحروب فما تدافع لجها … إلا تدافع فيه يلتطمان
يطفو على ثبج الدماء إذا هوت … في الهالكين رواسب الشجعان
ويشق مصطفق العباب إذا طغى … يرمي عباب الشر والطغيان
ما للجنود الباسلين وإن علوا … بجنود رب العالمين يدان
الحافظين على الخلافة عزها … الناصرين خليفة الرحمن
غدر العدو فعلمته سيوفهم … صدق العهود وصحة الأيمان
السيف إنجيل الهداية إن دجا … ليل الضلال فطاح بالعميان
يجلو عمايات النفوس بأسرها … ما فيه من عظة ٍ وحسن بيان
دين اليقين لكل شعبٍ جاحدٍ … سن العقوق ودان بالعصيان
قومٌ إذا رفعوا اللواء فإنه … والنصر بين سيوفهم أخوان
ما يفتآن إذا الوغى جمعتهما … يتناجيان بها ويعتنقان
بين الدم الجاري نديمي لذة ٍ … إن لذت الصهباء للندمان
ينبت حبل الأصفياء وينطوي … وهما بحبل الله معتصمان
سيف الخليفة والسيوف كثيرة ٌ … والقوم بين تضارب وطعان
ما في القواضب والكتائب إن مضى … ومضيت غير مفللٍ وجبان
تمضيك منه عزيمة ٌ من دونها … يقف الزمان ويرجف الثقلان
لما أطل على الخلافة كبرت … ومشت إليه ببيعة الرضوان
صدعت به أغلالها وتدافعت … تختال بعد الجهد والرسفان
أخذت برأي المستبد وغودرت … زمناً تعالج حكمه وتعاني
ظلم على ظلمٍ وسوء سياسة ٍ … وفساد تدبيرٍ وطول توان
وإذا القلوب تفرقت عن مالكٍ … لم يغن عنه تملك الأبدان
تهوي الأسرة أو تقوم وما لها … غير السرائر هادمٌ أو بان
لا يخدعنك ظاهرٌ من محنقٍ … خاف الشكاة فلاذ بالكتمان
إن قام عرش المستبد فإنما … قامت قواعده على بركان
والمرء إن أخذ الأمور برأيه … طاشت يداه وزلت القدمان
الله أدرك دينه بخليفة ٍ … بر السريرة صادق الإيمان
أخذ السبيل على العدو بقسورٍ … دامي المكر مخضب الميدان
ريعت له أمم النمال وأجفلت … دول الثعالب منه والذؤبان
لما تردد في فروق زئيره … رجفت جبال الصين واليابان
في مخلبيه إذا الحصون تهدمت … حصنان للإسلام ممتنعان
جرح الألى صدعوا لخلافة فاشتفى … جرحان في أحشائها دميان
حملا الهلال على عبابٍ من دمٍ … الدين والدنيا به غرقان
الملك معتصمٌ به مستمسكٌ … منه بأوثق ذمة ٍ وضمان
سيف الخلافة جربوه فكشفت … منه التجارب عن أغر يمان
خير الغزاة الفاتحين أعانه … أوفى الصحاب وأكرم الأخدان
طلبوا شباب الملك واحتسبوا الفدى … في الله من شيبٍ ومن شبان
وسمت بأركان الخلافة أنفسٌ … يسمو الأمين بها إلى رضوان
كان الدم المسفوح أكبر ما بنوا … وأجل ما دعموا من الجدران
في الدردنيل وفي الجزيرة بعده … رعب المياه وروعة النيران
برزت تماثيل المنية كلها … شتى الضروب كثيرة الألوان
كل يموج بها وكلٌ ساكنٌ … فالحرب في قلقٍ وفي اطمئنان
ناران برح بالكتائب منهما … حالان في الهيجاء مختلفان
هذي تفيض من البروج وهذه … تنساب بين أباطحٍ ورعان
البحر يفتح للبوارج جوفه … فتغور من مثنى ً ومن وحدان
والبر ملتهب الجوانح مضمرٌ … حنق المغيظ ولوعة الحران
مد الشراك إلى العدو وبينها … طرب المشوق وهزة الجذلان
حتى إذا أخذ الدهاء بلبه … أخذ البلاء عليه كل مكان
ظمئت إلى ورد الأسود نفوسهم … والموت ينقع غلة الظمآن
شربوا المنايا الحمر يسطع موجها … بين المروج الخضر والغدران
ترمي بها لججٌ يظل شواظها … متدفقاً كتدفق الطوفان
عصفت بأحلام الغزاة وقائعٌ … ركدت بأحلامٍ هناك رزان
أإلى الأسود الغلب في أجماتها … ترمي شعاب البيد بالجرذان
غالوا يملك الفاتحين وأيقنوا … أن النفوس رخيصة الأثمان
تلك المصارع ما تكاد منية ٌ … تجتاز جانبها بلا استئذان
ما الجيش من نصر الإله وفتحه … كالجيش من فشلٍ ومن خذلان
ويح الألى زعموا الحروب دعابة ً … ما غرهم بالترك والألمان
سيفان من استبقا مقاتل دولة ٍ … إلا مضى الأجلان يستبقان
يجري قضاء الله في حديهما … ويجول في صدريهما الملكان
أين المنايا السابحات حواملاً … فزع البحار ورعدة الخلجان
غرت جراي فجاءها من تحتها … ما لم يكن لجراي في الحسبان
قدرٌ جرى في الماء تحت سكونه … وجرى الردى فاسترسل القدران
سر المنية جائلٌ في جوفه … كالروح حين تجول في الجثمان
سفنٌ هوت بالحوت حين تبادرت … تنساب بين الحوت والسرطان
صنع الألى فاتوا العقول وجاوزوا … مرمى القوى ومواقع الإمكان
كشفوا عن العلم الغطاء وأدركوا … سر التفوق فيه والرجحان
ملكوا العناصر فالعصي مطاوعٌ … والصعب سهلٌ والبعيد مدان
الموت يسبح في الغمار بأمرهم … والموت يمرح في حمى كيوان
فالناس نهبٌ والعوالم ساحة ٌ … عزريل فيها دائم الجولان
هاجوا المنايا الرائعات وهاجهم … جشع العدى وتألب القرصان
شابت لها الأجيال وهي أجنة ٌ … لم تدر بعد مراضع الولدان
فزعت بأحشاء الدهور وغالها … طول الوثوب وشدة النزوان
أوتوا كبار المعجزات وميزوا … بروائع الإحكام والإتقان
جذبوا بسر الكيمياء عدوهم … فأطاع بعد شراسة ٍ وحران
مد العيون إلى اللواء فرده … أعمى وأطفأ ناره بدخان
ضل الملوك فجددوا لشعوبهم … دين العمى وعبادة الأوثان
ركبوا العقوق فتلك عقبى أمرهم … إن العقوق مطية الخسران
مسح الأذى ومحا وصية بطرسٍ … ماحي العروش وماسح التيجان
جيش من النصر المبين مشى له … جيشٌ من التضليل والهذيان
نظمت فما اطرد الخيال لشاعرٍ … إلا بألفاظٍ لها ومعان
هد الكنائس ما وعت جدرانها … من موبقات البغي والعدوان
أفيؤمنون بقول بطرس أم لهم … فيه كتابٌ لابن مريم ثان
ليت القبور إلى العراء نبذنه … ليرى مصير الملك رأي عيان
ملكٌ تألف في عصورٍ جمة ٍ … وانحل بين دقائقٍ وثوان
يا آل رومانوف أصبح ملككم … عظة الشعوب وعبرة الأزمان
ضج النعاة فما بكى حلفاؤكم … أين الدموع وكيف يبكي الجاني
تبكي الطلول لكم ويقضي حقكم … عاوي الذئاب وناعق الغربان
الله هد كيانكم بكتائبٍ … يرمي بها فيهد كل كيان
لا تجزعوا للملك بعد ذهابه … الملك لله العلي الشان
سيناء تيهي بالغزاة وفاخري … واروي الحديث لسائر الركبان
ماذا بدا لك من أعاجيب الوغى … وشهدت من أسدٍ ومن قطعان
ماذا رأيت من البواسل إذ دعا … داعي العوان فطار كل جنان
أرأيت أبطال الرجال مشيحة … تلهو ببيض كواعبٍ وغوان
أعلمت من يلقى الحتوف إذا التقى … ضاري الليوث وناعم الغزلان
ملكوا الشعاب على العدو وزاحموا … شعب النسور وأمة العقبان
الجو يهتف للملائك خاشعاً … والأرض تشهد صولة الجنان
ركبوا العزائم فالرياح جنائبٌ … تنقاد طيعة ً بلا أرسان
والشهب بين أكفهم مقذوفة ٌ … حمراء تصبغ خضرة القيعان
رسلٌ يشيعها الردى ورسائلٌ … يرمي بها ملكٌ إلى شيطان
أمراقص الفتيات حين تألبوا … ظنوا الوغى وملاعب الفتيان
كانت من الأقوام نشوة جاهلٍ … والسيف يكشف غمرة النشوان
يا مصر إن رجع المشوق فقد وفى … حسن البلاء بحسنك الفتان
ولي على كرهٍ وبين ضلوعه … وجدٌ يغالبه على السلوان
كم في الممالك من شجيٍ مغرمٍ … يهفو إليك وشيقٍ ولهان
ما يشتفي بالوصل منك معذبٌ … إلا أسأت إليه بالهجران
عبث الهوى بالفرس فيك هنيهة ً … وعبثت باليونان والرومان
رمسيس يعلم أن برقك خلبٌ … وهواك ليس يدوم للخلان
عقد الهوى لك بيعة ً يدلي بها … ما شئت من زلفى ومن قربان
ضم الضلوع على هواك وضمه … بيت الشموس ومجمع الكهان
يهذي بحبك والهياكل خشعٌ … والشعب يسجد والشموس روان
والجند من حول المواكب واقفٌ … صفين من حوليهما صفان
تحت البنود الخافقات يزينها … غالي الحرير وخالص العقيان
وكأن أعناق الجياد مزاهرٌ … وكأن ترداد الصهيل أغان
ترمي بأعينها الفجاج كأنما … جلبت صوافنها ليوم رهان
لم تنصفيه ولا ذكرت عهوده … بين الولوع الجم والهيمان
لا تنكري عظة ً يريك سطورها … زاهي النقوش وشامخ البنيان
عظة ٌ تشير إلى الدهور وكلها … قلب يشير إليك بالخفقان
الدهر كأسك والممالك كلها … ظمآي إليك وأنت بنت الحان
طوفي بكأسك في الندامى واصرعي … ما شئت من أممٍ ومن بلدان
مدوا بني التاميز من أبصاركم … وخذوا أصابعكم عن الآذان
واستقبلوا سود الصحائف واعلموا … أن الكنانة أول العنوان
آذيتمونا مدمنين فجربوا … عقبى الأذى ومغبة الإدمان
كنتم ضيوف الدهر ما لجلائكم … عن مصر من أجلٍ ولا إبان
هل كان صوت الحق غير سحابة ٍ … زالت غواشيها عن الأذهان
هل كان صدق العهد غير دعابة ً … هل كان عدل الحكم غير دهان
رمنا حياة العاملين فلم نجد … من ناصرٍ فيكم ولا معوان
حاربتم الأخلاق حرب مناجزٍ … يرمي بزاخرة العباب عوان
شر الجرائر والمساوي عندكم … شمم الأبي ونخوة الغيران
والكفر أجمع أن يحب بلاده … حر السريرة مؤمن الوجدان
ما أولع الموت الزؤام بأمة ٍ … ترجو الحياة من العدو الشاني
جاءوا فكان من التناحر بيننا … ما كان من عبسٍ ومن ذبيان
لما تألبت القلوب حيالهم … حشدوا لها جيشاً من الأضغان
شرعوا لنا سبل العداوة بيننا … حتى الفتى وإلهه خصمان
للكيمياء من العجائب عندهم … سرٌ يريك تفوق الإنسان
فتحت خزائنها لهم عن صيغة ٍ … تدع الشعوب سريعة الذوبان
ساسوا الممالك والشعوب سياسة ً … رفعوا الجماد بها على الحيوان
ملكوا علينا البغيتين فلم نذق … طعم الحياة ولذة العرفان
الفقر يرفع بيننا أعلامه … والجهل يضرب فوقنا بجران
عضوا على أموالنا بنواجذٍ … أكلت خزائن مصر والسودان
تهمي المكوس على العباد فلا يفي … صوب النضار بصوبها الهتان
تجبى لسادات البلاد وبينها … مهج الإماء وأنفس العيدان
القوت يسلب واللباس وما حوت … دار الفقير من المتاع الفاني
المال جمٌ في الخزائن عندهم … والجوع يقتلنا بغير حنان
وترى عميد القوم يبسط كفه … يرجو المعونة في ذوي الإحسان
نام الذي أفنى الخزائن ظلمه … وأبو البنين مسهد الأجفان
القصر يسبح في النعيم بربه … والدار تشهد مصرع السكان
في كل يومٍ مغرمٌ وإتاوة ٌ … يتفزع القاصي لها والداني
نقموا الشكاة على الحزين فأمسكوا … منا بكل فمٍ وكل لسان
نفضوا الكنانة من ذخائرها فهل … نفضوا جوانحها من الأحزان
غضبوا على الأحرار في أوطانهم … ورضوا بكل مداهنٍ خوان
أسرٌ وتشريدٌ وضربٌ موجعٌ … وأذى ً يبرح بالبريء العاني
هم قدموا القوم الطغام وأخروا … ملأ السراة ومعشر الأعيان
نبئت ما زعم الشريف وقومه … فسمعت ما لم تسمع الأذنان
ورأيت ما زان الملوك فلم أجد … كطراز ملكٍ باسمه مزدان
خدعوه إذ ضاق السبيل بمكرهم … ورموا بآمالٍ إليه حسان
فأباح ما منعت فوارس هاشمٍ … وحمت ولاة البيت من عدنان
يا ذا الجلالة لا سعدت بتاجه … ملكاً سواك به السعيد الهاني
أملكت ما بين البقيع فجدة ً … وأبحت جيشك ما وراء معان
وبصرت بالوزراء حولك خشعاً … تمضي أمور الملك في الإيوان
يجبى إليك من البلاد خراجها … ما بين ذي سلمٍ إلى عسفان
ملكٌ أمدك من خزائنه بما … أعيا الجباة وناء بالخزان
الجند معقود اللواء لفيصلٍ … بين الظبى وعوامل المران
يلقى النبي مدججاً في جنده … وبنو أبيه على اللواء حوان
أيقود جيشك أم يقود عيينة ٌ … شم الفوارس من بني غطفان
سلبوا للقاح وإن دين محمدٍ … لأعز من إبلٍ عليه وضان
أهدى إليك من المفاخر مثل ما … أهدى يزيد إلى بني شيبان
فتح الحجاز رماله وصخوره … وأتى إليك برنده والبان
أعذر شعوب المسلمين إذا هفت … إني أرى الحرمين ينتفضان
ولئن جرت حول النبي عيونها … فلقد رأت عينيه تنهملان
تمحو السيوف وللحقائق حكمها … ملك الخيال ودولة الصبيان
ما الملك من عزٍ وبأسٍ صادقٍ … كالملك من كذبٍ ومن بهتان
صونوا بني الأعراب من عوراتها … دعوى لعمر الله غير حصان
غشى على أبصاركم وقلوبكم … كالليل من حجبٍ ومن أكنان
أنسيتم الآيات بالغة ً فما … بصحائف التاريخ من نسيان
الترك جند الله لولا بأسهم … لم يبق في الدنيا مقيم أذان
خلفاؤه الأبرار نزع حبهم … فيه وطهرهم من الأدران
لم يخذلوه ولا أضاعوا حقه … في شدة ٍ من أمرهم ولبان
صانوا بحد السيف حوزة ملكهم … وحفاظ كل مشيعٍ صلتان
يأتم فيه خليفة ٌ بخليفة ٍ … ويزيد خاقانٌ على خاقان
بالمغربين ممالكٌ أودى بها … عبث الخلائف من بني قحطان
أودى بها عبد العزيز وقومه … قوم الخليع وشيعة السكران
تشقى رعيته ويظمأ ملكه … فيلوذ منه بناعمٍ ريان
ذعر الجآذر والظباء فما وفت … أفياء مصر ولا ربى لبنان
ملكٌ أحاط بتاجه وسريره … جيش القيان وعسكر الغلمان
تحمي حماه بصافنات كؤوسها … وتصونه بصوارم الألحان
عصفت بأندلسٍ رياح جهالة ٍ … مادت لها الدنيا من الرجفان
صدعت قوى الإسلام بين ملوكها … ورمت بينه بأبرح الأشجان
راحوا يديرون الشقاق وحولهم … عين المغير تدور كالثعبان
يتنازعون رداء ملكٍ مونقٍ … خضل الحواشي مذهب الأردان
لبس العدو ظلاله وتكشفوا … لبني الزمان تكشف العريان
صد النبي من الحياء بوجهه … ولوت أمية صفحة الخزيان
وأهل موسى في القبور وطارق … يتفجعان معاً وينتحبان
خطبٌ تباعد حينه وإخاله … أدنى الخطوب وأقرب الأحيان
أبكي ورزء المسلمين وما لقوا … في العالمين أشد ما أبكاني
أبكى لدامية الجوانح هاجها … ما هاجني من دائها وشجاني
الدهر أندلسٌ وكلٌ ذكرها … وعهود سكانٍ لها ومغاني
والكائنات قصيدة ٌ تروي لنا … عنها فنون الوجد والتوقان
الليل فيها والنهار كلاهما … بيتان طول الدهر يبتدران
فهما رسولاها إلى أهل الهوى … وهما الهوى والشوق يتصلان
ملكٌ هوى بين الكؤوس جنازة ً … ومضى على نعشٍ من الريحان