سَنى آنَسَ الْغَرْب فِيهِ هُدَى – خليل مطران

سَنى آنَسَ الْغَرْب فِيهِ هُدَى … فَحَيَّاهُ بِالبشْرِ لَمَّا بَدا

تَبَيَّنُ مِنْهُ لأُمِّ اللُّغَاتِ … حُلىً غُرَرٌ رُعْنَه مَشْهَدَا

فَأُمُّ الْبَنِينَ الأُولى قَصَّرُوا … تُكَرِّمُ وَاصِفَها المُسْعِدا

تُكَرِّمُ نَابِغَةً فَاضِلاً … أَمِينَ البَلاَغِ صَدُوقَ الصَّدَى

أَبَانَ لِجُهَّالِهَا فَضْلَهَا … وَأَبْدَى فَرَائِدَهَا الخُرَّدَا

بِلَفْظٍ عَلَى كَوْنِهِ مُعْجَماً … حَكَى حُسْنُهُ المُعْرَبَ الجَيِّدا

لِمُشْرِقِهِ مِنْ سَنَاهَا سَنىً … وَمُورِقِهِ مِنْ نَدَاهَا نَدَى

يَكَادُ الطَّرُوبُ لإِيقَاعِهِ … يردِّدُه نَغَماً مُنْشِدَا

أَرَاهُمْ بَدِيعاً بِذاك الْبَدِيعِ … صَفا جَوْهَراً وَحَلاَ مَوْرِدَا

وَبَاحَ لَهُمْ مِنْ كُنُوزِ النُّهَى … بِمَا يَسْتَفِزُّ لَهَا الحُسَّدا

كُنُوزٌ سَيَغْزُونَ أَعْلاَقَهَا … وَيَسْبُونَ قَيِّمَها المُرْصَدا

فَإِنْ فَعَلُواوَهَمُ فَاعِلُونَ … وَلِلْمَرْءِ فِي الدَّهْرِ مَا عُوِّدَا

كَمَا اسْتَنْزَفُوا الشَّرْقَ بَرّاً وبَحْراً … فَلاَ دُرَّ أَبْقَوْا وَلاَ عَسْجَدَا

فَهَذِي الْغَوَالِي بَقَايَا الْمَعَالِي … تُقِرُّ لَنَا الْمَاضِي الأَمْجَدَا

وَمَا ضَائِرٌ فَخْرَنَا أَنْ تُبَاحَ … وَلاَ ضَائِرُ الْجَّاهِ أَنْ تُجْتَدَى

أَلاَ لِيْتَهُمْ تَرَكُوا غَيْرَهَا … قَدِيماً وَمَدُّوا إِلَيْهَا يَدَا

عَلَى أَنَّهُمْ عَلِمُوا بَعْدَ لأْيٍ … كَرَامَةَ أُمَّتِنَا مَحْتِدا

لأْنَّ بَيَاناً كَهَذَا الْبَيَانِ … جَدِيرٌ كَمَا شَاءَ أَنْ يَخْلُدَا

وَأَنَّ نُفُوساً كَتِلْكَ النَُفُوسِ … لَهَا رَجْعَةٌ فِي بَنِيهَا غَدَا

سَمَا فِي الْمَفَاخِرِ هَذَا الْفَخَارُ … لَنَا وَأَبَى الْحَقُّ أَنْ يُجْحَدَا

فَلا تَبْتَئِسْ وَهْوَ ذَاكَ النُّضَارُ … إِذَا ما رَأَيْنَا لَهُ نُقَّدَا

يُرِيدُونَ مِنَّا بِنَاءَ الْقَرِيضِ … كَثِيرَ الْمَنَاحِي قَصِيَّ المَدَى

وَقَدْ جَهِلُوا الْبَيْتَ نَبْنِيه فَذّاً … فَيَسْتَغْرِبُ الأَمَدُ الأَبْعَدَا

حُلاَه تُنَافِسُ زَهْرَ الرِّيَاضِ … وَمَعَنْاهُ يَسْتَنْزِلُ الفَرْقَدَا

أَواصِفُ حُييْتَ مِنْ سَابِقٍ … وَمِنْ أَرْيَحِيِّ بِهِ يُقْتَدَى

تَوَخَّيْتَهَا غايَةً وَعْرَةً … فَأَدْرَكْتَهَا فَائِزاً أَيِّدا

بِرَأْيٍ جَمِيلٍ وَسَعْيٍ جَلِيلٍ … خَلِيقٍ عَلَى الدهْرِ أَنْ يُحْمَدَا

كَذَا يُصْرَفُ الْحَزْمُ فِي وَجْهِهِ … وَلاَ تَتَوَلَّى الْمَسَاعِي سُدَى