دَعَوْتُكَ أَسْتَشْفِي إِلَيْكَ فَوَافنِي – خليل مطران

دَعَوْتُكَ أَسْتَشْفِي إِلَيْكَ فَوَافنِي … عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ مِنْكَ أَنَّكَ لِي آسِي

فَإِنْ تَرَنِي وَالحُزْنُ مِلْءُ جَوانِحِي … أُدَارِيهِ فَلْيَغْرُرْك بِشْرِى وَإِينَاسِي

وَكَمْ فِي فُؤَادِي مِنْ جِراحٍ ثَخِينَةٍ … يُحَجِّبُهَا بُرْدَايَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ

إِلى عَيْنِ شَمْسٍ قدْ لَجَأْتُ وَحَاجَتِي … طَلاَقَةُ جَوٍّ لَمْ يُدَنَّسْ بِأَرْجَاسِ

أُسَرِّي هُمُومِي بِانْفِرَادِي آمِناً … مَكَايِدَ وَاشٍ أَوْ نمَائِمَ دَسَّاسِ

يَخَالُونَ أَنِّي فِي مَتاعٍ حِيَالَهَا … وَأَيُّ مَتَاعٍ فِي جِوَارٍ لِدِيمَاسِ

أَرَى رَوْضَةً لكِنْهَا رَوْضَةُ الرَّدَى … وَأُصْغِي وَمَا فِي مَسْمَعِي غيْرُ وَسْوَاسِ

وَأَنْظُرُ مَنْ حَوْلِي مُشَاةً وَرُكَّباً … عَلَى مُزْجَيَاتٍ مِنْ دُخَانٍ وَأَفْرَاسِ

كَأَنِّيَ فِي رُؤيْا يَزُفُّ الأَسَى بِهَا … طَوَائِفَ جِنّ فِي مَوَاكِبِ أَعْرَاسِ

وَمَا عَيْنُ شَمْسٍ غَيْرُ مَا ارْتَجَلَ النُّهَى … بِقَفْرِ جَدِيبٍ مِنْ مَبَانٍ وَأَغْرَاسِ

بَنَوْهَا فَأَعْلوْهَا وَمَا هُوَ غَيْرَ أَنْ … جَرَتْ أَحْرُفٌ مَرْسُومةٌ فَوْقَ قِرْطاسِ

بَدَتْ إِرَمْ ذَاتُ الْعِمَادِ كأَنَّهَا … مِنَ الْقاعِ شَدَّتْهَا النُّجُومُ بِأَمْرَاسِ

كَفَتْهَا لَيَالٍ نزْرَةٌ فَتَجَدَّدَتْ … ثوَابِتَ أَرْكَانٍ رَوَاسِخَ آسَاسِ

وَغَالَطَ فِيهَا الْبَعثُ مَا خَالط الْحِلَى … بِهَا مِنْ ضرُوبٍ مُحْدَثَاتٍ وَأَجْنَاسِ

هُنَاكَ أُبِيحُ الشَّجْوَ نَفْساً مَنِيعَةً … عَلَى الضَّيْمِ مَهْمَا يَفْلُلِ الضَّيْمُ مِنْ بَاسي

يَمُرُّ بِيَ الإخْوَانُ فِي خَطَرَاتِهِمْ … أُولَئِكَ عُوَّادِي وَلَيْسُوا بِجُلاَّسِي

أَهَشُّ إِلَيْهِمْ مَا أَهَشُّ تَلَطُّفاً … إِذَا لَمْ أُطِقْ صَبْراً فَأَطْلَقْتُ أَنْفَاسِي

ذَرُونِيَ وَانْجُوا مِنْ شَظايَا تُصِيبُكُمْ … إِذَا لَمْ أُطِقْ صَبْراً فَأَطْلَقْتُ أَنْفَاسِي

فَإِنِّي عَلَى مَا نَالَنِي مِنْ مَسَاءَةٍ … لأَرْحَمُ صَحْبِي أَنْ يُلِمَّ بِهِمْ بَاسِي

ذَرُونِيَ لاَ يَمْلِكْ وَجِيفِي قُلُوبَكُمْ … إِذَا مَرَّ ذَاكَ الطَّيْفُ وَادَّكَرَ النَّاسِي

فَتَاللهِ لَوْلاَ ذَلِكَ الطَّيِفُ وَالهَوَى … لَهُ مُسْعِدٌ لَمْ يَمْلِكِ الدَّهْرُ إِتْعَاسِي

ذَرُونِي أُحْسُ الخَمْرَ غَيْرَ مُنَفَّرٍ … عَنِ الْوِرْدِ مِنْهَا نِفْرَةَ الطَّائِرِ الحَاسِي

فرُبَّتَ كَاسٍ عَنْ شِفَاهِي رَدَدتُهَا … وَقَدْ قَتلَ الدَّمْعُ السَّلاَفَةَ فِي الْكاسِ

ذَرُونِي أُنكَّسْ هَامَتِي غَيْرَ مُتَّقٍ … مَلاَمَة رُوَّادٍ وَشُبْهَةَ جُوَّاسِ

فبِي حُرَّةٌ بِكْرٌ ضُلُوعِي سِيَاجُهَا … أَرَاشَ عَلَيْهَا سَهْمَهُ مُعْتَدٍ قَاسِ

أُعِيدُ إِلَيْها كُلَّ حِينٍ نَوَاظِرِي … وَأُخْفِضُ مِنْ عَطْفٍ عَلَى جُرْحِهَا رَاسِي

يَكَادُ يَبُث المَجْدُ مَا لاَ أَبُثهُ … مِنَ السَّقْمِ العَوَّادِ وَالسَّأَمِ الرَّاسِي

أَنَا الأَلَمْ السَّاجِي لِبُعْدِ مَزافِرِي … أَنا الأَمَلُ الدَّاجِيَ وَلَمْ يَخْبُ نِبْرَاسِي

أَنَا الأَسَدُ الْبَاكِي أَنَا جَبَلُ الأَسَى … أَنا الرَّمْسُ يَمْشِي دَامِياً فَوْقَ أَرْمَاسِ

فَيَا مُنْتَهَى حُبِّي إِلى مُنْتَهَى المُنَى … وَنعْمَةَ فِكْرِي فَوْقَ شِقْوَةِ إِحْسَاسِي

دَعَوْتُك أَسْتَشْفِي إِلَيْكَ فَوَافِنِي … عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ مِنْكَ أَنَّكَ لِي آسِي