تغربْ فالبدار الحبيبة ِ دارُ – مهيار الديلمي
تغربْ فالبدار الحبيبة ِ دارُ … و فكَّ المطايا فالمناخُ إسارُ
و لا تسأل الأقدارَ عما تجره … مخافة َ هلكٍ والسلامة ُ عارُ
إذا لم يسعها الأمنُ في عقر دارها … فخاطر بها إنّ العلاءَ خطارُ
أرى إبلي تعصى الحداة َ كأنما … بوازلها تحتَ الحبالِ بكارُ
تقامصُ من مسَّ الهوان جنوبها … كأنّ الأذى طردٌ لها وعوارُ
تحسى القدى المنزورَ من ماءِ أهلها … و تأبى َ النميرَ العدَّ وهوبحارُ
و مذ علمتْ أن الحشاشة َ ذلة ٌ … ففي خطمها من أن تخشَّ نفارُ
لغيري قرى ألبانها ولحومها … و لاقحة ٌ من أدمها وحوارُ
متى دبَّ ماءُ الضيم فيها فلم تعدْ … مطيَّ قفار الأرض وهي قفارُ
و إن لم تناضلْ من عقودِ نسوعها … نصولُ نعيَ سيبَ اللصابِ تبارُ
ظرابُ الغضا من تحت أخفافها سفاً … يطيشُ وأحقافُ الغويرِ حفارُ
كأنّ السياطَ يقتلعنَ إذا هوت … سفائنَ منها والسرابُ بحارُ
مقامي على الزوراء وهي حبيبة ٌ … مع الظلم غبنٌ للعلا وخسارُ
و كم حلة ٍ مجفوة ٍ ولها الهوى … و أخرى لها البغضاءُ وهيْ تزارُ
و في غيرها المجدُ الذي كان مرة ً … لها شرفٌ في قربه وفخارُ
إذا حملتْ أرضٌ ترابَ مذلة ٍ … فليس عليها للكريم قرارُ
و كم عزمة ٍ مرتاضة ٍ قد ركبتها … فخضتُ بها الحاجاتِ وهي غمارُ
و ذي سنة ٍ فجعتُ بالنوم عينه … و أجفانه عطفاً عليه طوارُ
صحا لي وقد ناديتُ من سكرة ِ الكرى … و قد دار في عينيه منه عقارُ
تبخرتُ أقصى جودهِ وهو كارة ٌ … و لم يك للمولى عليّ خيارُ
و ليلٍ أضافَ الصبحَ تحت جناحه … و حصَّ فلم يرفعهُ عنه مطارُ
هجمتُ عليه فادحا ببصيرتي … دجاهُ وليلُ الزبرقانِ نهارُ
و مشترفٍ من العفافِ أطلعتهُ … و قد نم واشٍ واستقام نوارُ
فلمَ يتوصمني وسادٌ علوته … بعيبٍ ولم يشهدْ عليَّ إزارُ
و قافية ٍ أسهلتُ طريقها … لها في حلوقِ القائلين عثارُ
نضار من القول الذي لم يردْ به … لجينٌ ولم يوجد عليه نضارُ
إذا ما استبقن الحسنَ يبسطن عن فمي … شردنَ فلم يعلقْ لهن غبارُ
يعيرني قومٌ خلَّ معاطني … و فيهم رغاءٌ ما اشتهوا ونعارُ
و لاعيبَ أن أهزلتُ وحدي وأسمنوا … إذا أنا أنجدتُ العلاءَ وغاروا
و لستَ ترى الأجسامَ وهي ضئيلة ٌ … نواحلُ إلا والنفوسُ كبارُ
خفيتُ ونوري كامنٌ في قناعتي … و ما كلُّ ما غمَّ الهلالَ سرارُ
و كيف أذود النومَ أخشى خصاصة ً … و لي من كلاءاتِ الوزير جوارُ
و نعماه إن دهري أغار حماتهُ … على الحرّ من مسّ الهوانِ تغارُ
إذا ضمني مؤيد الملك مانعا … فما لدمِ الأيام عنديَ ثارُ
نكولي إذا أمسكتُ أطرافَ حبله … قويً وافتقاري في ذراه يسارُ
سقى اللهُ ماءَ النصر بنانها … غصونٌ لها درُّ البحار ثمارُ
و حيا على غم الكواكب غرة ً … أسرتها للمعتقين منارُ
ترى الرزق شفافا وراء ابتسامها … كما شفَّ عن لمع البروق قطارُ
و زاد انبساطا في الممالك راحة ٌ … يمينُ الحيا إن جاودته يسارُ
من القوم لو طار الفخارُ بمعشرٍ … إلى غاية ٍ فوق السماء لطاروا
بنى الملكِ والدنيا بماءِ شبابها … و أيامها زغبٌ تدبُّ صغارُ
خيامٌ على أطنابها رخجية ٌ … لها في سماوات الفخار ديارُ
و زيرية ٌ جدا فجدا يعدها … على المجدِ عرقٌ ضاربٌ ونجارُ
يراحُ عليها بالعشيَّ لبونها … إذا روحتْ على البيوتِ عشارُ
و شقَّ دجناتِ الخطوبِ برأيه … بصيرٌ به سرُّ الغيوب جهارُ
إذا ردَّ في أعطافه لحظاتهِ … تشعشعَ سربالٌ له وصدارُ
قريبُ الجنى حلوٌ لأيدي عفاتهِ … و أشوسُ بين العاقرين مرارُ
إذا ما بدا للعين راقت بشاشة ٌ … عليه وراعت هيبة ٌ ووقارُ
فيطمعُ فيه ثغرهُ حين يجتدى … و يؤيسُ منه الأنفُ حين يغارُ
له اللهُ من ملك حميت سريرهُ … و غايتهُ للطامعين وجارُ
و قد نام عنه الدافعون وكشفتْ … خباياه للأبصارِ وهي عوارُ
مددتَ بباعيه فلم يرَ معصمٌ … له بارزاً إلا وأنتَ سوارُ
و غربك الأعداءَ خلقٌ مسامحٌ … لهم وخلالٌ أن رضيتَ خيارُ
و ما علموا أنّ النصولَ شوارعٌ … على علقِ الأكبادِ وهي طرارُ
فإنَّ رقابَ الأسد جون عراكها … مصارعُ للآجالِ وهي قصارُ
و قد جربوا عزميك والجودُ ساكنٌ … على السلم والنقعُ الأغمُّ مثارُ
و كم لك من يومٍ يخيم شجاعهُ … و لا يصمُ المهزومَ منه فرارُ
تناكرَ عنه المدعون فلم يكن … سوى اسمك للأبطالِ فيه شعارُ
وقفتَ له والمرهفاتُ كأنها … دبى ً فوق بيضِ الدارعين مطارُ
و لو أنَّ حدَّ السيف خانك دونه … وَ في لك جدٌّ لم يعقه عثارُ
أسلْ مزنتيْ كفيك يغرقْ بها العدا … و سمْ باسمك الأعداءَ فاسمك نارُ
و لا تلقَ يومَ الروع إلا مصالتا … بجدك إن كلت ظباً وشفارُ
فإنّ لجرحِ السيف لا بدَّ ثائرا … له وجراحات الجدود جبارُ
قضى اللهُ في حسادِ ملكك أنهم … وقودٌ وأنّ الغيظَ منك شرارُ
فألسنهم غيظاً بواردُ رطبة ٌ … و أكبادهمُ خلفَ الضلوع حرارُ
تناهوا حذارا أن يعلى حديثهم … فما بين كلَّ اثنين فيك سرارُ
و لاموا نجومَ السعدِ جهلا وإنما … تدورُ لك الأفلاكُ حيث تدارُ
تواقفُ أقدامَ الأسودِ كأنما … جنابك عزا أن يرامَ مغارُ
و تخجلُ من دفع الحقوقِ كأنما … لثامك من فرط الحياء خمارُ
أجبْ دعوة يا سيد الوزراء لم … تجبها قريبا إذ دعتك مرارُ
تناديك عن شوق مواقدُ نارها … فؤادي وأنفاسي الحرارُ أوارُ
أداريه خوفَ الشامتين وظاهري … قياسٌ لما في باطني وعيارُ
إلى كم يقلُّ البعدُ ظهري وكم يرى … لجنبي على جمر الفراق قرارُ
كأني حيالَ البعدِ بيني وبينكم … يقدُّ أديمي أو حشايَ تعارُ
و ليتَ الومانَ المطربي باقترابكم … كما زال سكرٌ منه زال خمارُ
يكاد نزاعي نحوكم أن يطيرَ بي … و هل لقصيصٍ في السماءِ مطارُ
و أطمعَ قومٌ بعدكم في تهضمي … فشنوا على أحسابكم وأغاروا
و لم يعلموا مقدارَ عطفة ِ جودكم … عليَّ فلي نقصٌ بهم وضرارُ
إذا حبسوا الماءَ الذي سقتموهُ لي … فمن أين تسقى سرحتي وتمارُ
و قد علموا أن لا ارتجاعَ لنيلكم … و لا الثوبُ مما تلبسون معارُ
عسى اللهُ أن يقتادَ لي بإيابكم … فيدركَ من باغي انتقاصيَ ثارُ
بكلَّ عزيزٍ بذلها عند قومها … لها منصبٌ معْ حسنها ونجارُ
إذا خطرتْ بين الرواة ِ حسبتهم … يمانينَ فيما يحملون عطارُ
تنمُّ بما فيها كأنَّ طروسها … لطائمُ أهدتها إليك صحارُ
تضوعُ رنداً فارسياً لجنسها … و للعرب فيها حنوة ٌ وعرارُ
إذا جليتْ عطلي عليك فحليها … علاك وحسنُ الإستماع نثارُ
على المهرجان وسمة ٌ من جمالها … عروبة ُ منها فاصلٌ وشيارُ
لئن قصرَّ المقدارُ خطويَ عنكمُ … فلي غاية ٌ في بعثها وقصارُ