بِأَي حُدُودٍ حُدَّ مِنْ قَبْلِكَ الشِّعْرُ – خليل مطران

بِأَي حُدُودٍ حُدَّ مِنْ قَبْلِكَ الشِّعْرُ … وَأَيِّ قُيُودٍ قُيِّدَ الحِسُّ وَالفِكْرُ

عَلَى مَا رَأَى الإِغْرِيقُ وَالرَّسْمُ رَسْمُهُمْ … جَرَى الجِيلُ بَعْدَ الجِيلِ وَالعَصْرُ فَالعَصْرُ

وَظَلَّ مَثالاً لِلبَيَانِ مِثَالُهُمْ … وَأَمْرُهُمُ حَتَّى أَتَيْتَ هُوَ الأَمْرُ

فَلَمَّا هَدَتْكَ الفِطْرَةُ السَّمْحَةُ الَّتِي … رَأَتْ أَنَّ أَسْراً كَيْفَ كَانَ هُوَ الأَسْرُ

وَأنَّ افْتِكاكاً مِن هَوىً مُتَمَكنٍ … عَنَاءٌ عَلَى مِقْدَارِهِ يَعْظُمُ الفَخْرُ

وَأَنَّ العُقُولَ المُسْتَرَقَّةَ حُرِّرَتْ … وَقَدْ آنَ أَنْ يَقْتَادَهَا القَلَمُ الحُرُّ

أَسَلْتَ يَنَابِيعَ الفَصَاحَةِ كُلَّهَا … وَكَانَ الَّذِي يُمْتَاحُ مِنْهَا هُوَ النَّزْرُ

فَللّهِ دَرَّ العَبْقَرِيَّةِ إِنَّهُ … لَفَيْضٌ إِذَا مَا غَاضَ مِنْ غَيْرِهَا الدُّرُّ

لَهُ فِي النُّهَى عَزْمُ الإِتيِّ وَصَوْتُهُ … يُصَاحِبُهُ تَطْريبُهُ الفَخمُ وَالهَدْرُ

تَسَاقَاهُ أَعْشَابٌ فُتُوِفي نَصِيبَهَا … مِنَ الحُسْنِ فِي الدُّنْيَا وَلاَ يُحْرَمُ الزَّهْرُ

فَمِن أَيِّ أَوْجٍ بِالحَيَاةِ وَأَهْلِهَا … وَبِالكَوْنِ وَالأَحْدَاثِ أَلْمَمْتَ يَا نَسْرُ

وَفِي أَيِّ فَنٍّ مِنْ فُنُونِ جَمَالِهَا … تَعَايَى عَلَيْكَ النَّظْمُ أَوْفَاتَكَ النَّثْر

تُرَى سِيَرُ الأَحْقَابِ فِيمَا خَطَطْتَهُ … موَاثِلَ وَهْيَ الطِّرْسُ بِالعَيْنِ وَالحِبْرُ

وَتَطَّرِدُ الأَحْقَابُ مِنَّا بِمَشْهَدٍ … وَإِنْ هِيَ إِلاَّ السَّطْرُ يَتْبَعُهُ السَّطْرُ

لَقَدْ جِئْتَ بِالبِدْعِ الَّذِي آبَ سُنَّةً … لَكَ الفَضْلِ فيهَا خَالِداً وَلَكَ الذِّكْرُ

وَجَارَاكَ فِي الفَتْحِ الحَدِيثِ فَوَارِسٌ … تَوَازَعَ فِي عُقْبَاهُ بَيْنَكُمُ النَّصْرُ