الغريب – أحمد مطر

كُلُّ ما في بَلْدَتي

يَملأُ قلبي بالكَمَدْ

بَلْدَتي غُربةُ روحٍ وَجَسَدْ

غُربَةٌ مِن غَيرِ حَدْ

غُربَةٌ فيها الملاينُ

وما فيها أحَدْ

غُربَةٌ مَوْصولَةٌ

تبدأُ في المَهْدِ

ولا عَوْدَةَ منها للأبَدْ

شِئتُ أنْ أغتالَ مَوتي

فَتَسلّحتُ بِصوتي

أيُّها الشِّعرُ لَقَدْ طالَ الأَمَدْ

أهلَكَتني غُربَتي يا أيُّها الشِّعرُ

فكُنْ أنتَ البَلَدْ

نَجِّني من بَلْدَةٍ لا صوتَ يغشاها

سِوى صوتِ السّكوتْ

أهلُها موتى يَخافونَ المَنايا

والقبورُ انتَشرَتْ فيها على شَكْلِ بُيوتْ

ماتَ حتّى الموتُ

والحاكِمُ فيها لا يموتْ

ذُرَّ صوتي أيُّها الشّعرُ بُروقاً

في مفازاتِ الرّمَدْ

صُبَّهُ رَعْداً على الصّمتِ

وناراً في شراينِ البَرَدْ

ألْقِهِ أفعى

إلى أفئِدَةِ الحُكّامِ تسعى

وافلِقِ البَحْرَ

وأطبِقْهُ على نَحْرِ الأساطيلِ

وأعناقِ المَساطيلِ

وطَهِّرْ مِن بقاياهُمْ قَذاراتِ الزَّبَدْ

إنَّ فِرعَونَ طغى يا أيُّها الشّعرُ

فأيقِظْ مَنْ رَقَدْ

قُل هوَ اللّهُ أحَدْ

قُل هوَ الّلهُ أحَدْ

قُل هوَ الّلهُ أحَدْ

قالَها الشِّعرُ

وَمَدَّ الصّوتَ والصّوتُ نَفَدْ

وأتى مِنْ بَعْدِ بَعدْ

واهِنَ الرّوحِ مُحاطاً بالرّصَدْ

فَوقَ أشداقِ دراويشٍ

يَمُدّونَ صدى صوتي على نحْريَ

حبلاً مِن مَسَدْ

وَيَصيْحونَ مَدَدْ