الجارح النبيل – أحمد مطر

الّلهُ أبدَعَ طائرا

وحبَاهُ طبعاً

أن يلوذَ مِنَ العواصِفِ بالذُّرى

وَيَطيرَ مقتحِماً ويهبِطَ كاسِرا

وَيَعِفَّ عنْ ذُلِّ القيودِ

فلا يُباعُ ويُشترى

وإذْ استوى سمّاهُ َنسْراً

قالَ :َ منزِلُكَ السّماءُ

وَمنزِلُ النّاسِ الثّرى

وَجَرى الزّمانُ

وذاتَ دَهْرٍ

أشعلتْ نارَ الفضولِ بِصدْرِهِ

نارُ القُرى

فَرَنا

فكانتْ روحُ تلكَ النّارِ نوراً باهِرا

وَدَنا

فأبصَرَ بُلبُلاً رَهنَ الإسارِ

وحُزنهُ ينسابُ لحناً آسِرا

وهَفا

فألفى الدّودَ يأكلُ جِيفَةً فتحسّرا

ماذا جرى ؟

النّارُ سالتْ في دِماهُ وما دَرى

واللّحنُ عَرّشَ في دِماهُ وما دَرى

النَسْرُ لم يَذُقِ الكَرى

النّسرُ حَوَّمَ حائِرا

النّسرُ حلّقَ ثُمَّ حلّقَ

ثُمّ عادَ الَقهْقرى

أَلِيَ الذُّرى

وأنَا كديدانِ الثّرى ؟

لا بُدَّ أنْ أتَحَرّرا

اللّهُ قالَ لهُ : إذَاً

ستكونُ خَلْقاً آخَرا

لكَ قوّةٌ مِثل الصّخورِ

وعِزّةٌ مثلَ النسورِ

ورِقّةٌ مثلَ الزّهورِ

وَهَيْئةٌ مثلَ الوَرى

كُنْ

أغمَضَ النّسرُ النبيلُ جَناحَهُ

وَصَحا فأصبحَ شاعِرا