اشهدي يا مصر أعمال البنين – أحمد محرم

اشهدي يا مصر أعمال البنين … وانظري الآيات حيناً بعد حين

كشف الحدثان عن مكنونها … فأزال الشك عن وجه اليقين

ذلك الجد فذوقي مره … وخذيه من أكف اللاعبين

اشربي الكأس دهاقاً واسمعي … عظة المخمور بين الشاربين

أنت خنت البر إذ لم تعرفي … موضع الخائن والبر الأمين

تجعلين الأمر فوضى ما له … من نظامٍ واضحٍ للمستبين

وترين الناس ناساً كلهم … من مناجيد وصرعى خامدين

أضلالاً منك تجزين الألى … أفسدوا الأمر جزاء المصلحين

وتقيمين رجالاً نقضوا … عهدك الأوفى مقام المخلصين

إيه يا مصر ألما تعلمي … حادثات الدهر في ماضي السنين

أيه يا مصر اذكريها وانظري … أي شعبٍ شعبك العاني الحزين

وكلي الأمر إلى الله فما … لك في الدنيا سواه من معين

عدة الأقطار في شدتها … وغيات الأمم المستضعفين

يدفع الأهوال عن مكروبها … حين لا يرجى دفاع الناصرين

ويعيد الميت من آمالها … مشرق الطلعة وضاح الجبين

مالك الملك مضت أحكامه … وجرت أقداره في العالمين

ما لنفسٍ قوة ٌ في ملكه … جل ذو القوة والحول المتين

تذهب الهزة من أسطوله … بأساطيل الملوك القادرين

وإذا ما هم يوماً جنده … فالمنايا للجنود الغالبين

سائل الغبراء كم من دولٍ … ذهبت آثارها في الغابرين

حملتها أعصراً ثم انطوت … في عصور الذاهبين الأولين

همدت في جانبٍ من بطنها … يسع الأحياء منا أجمعين

سل عن التيجان وانظر هل ترى … فيه شيئاً من عروش المالكين

وتأمل هل لهم في جوفه … من جنودٍ أو بنودٍ أو سفين

قلب الترب فكم في الترب من … دولة ٍ صرعى ومن ملكٍ دفين

معرض الأجيال إن طفت به … فتمهل واتئد في الطائفين

واجعل المصباح في ظلمته … عبرة الموت لقومٍ مبصرين

إنما الدنيا حياة ٌ تنقضي … وحديثٌ نافعٌ للذاكرين

وضح الحق لقومٍ جاهلين … فانظري يا مصر ماذا تأمرين

أنت لله بناءٌ قائمٌ … تلتوي عنه أكف الهادمين

صابري الأحداث مهما مكرت … وثقي بالله خير الماكرين

لا تراعي إن من آياته … ما يراعي فيك من دنيا ودين

اطلبي ما شئت منه وارقبي … حكمه في شعبك العاني الرهين

أهي الأحداث لا تنصفنا … فتعالى الله خير الحاكمين

ويح نفسي ويح مصرٍ كلما … ذكرت مصر بنيها الهالكين

يوم جاش الهول في أرجائها … فاتقته بالشباب الناهضين

بنفوسٍ أقبلت دهماؤها … تترامى من ألوفٍ ومئين

تفتدي مصر وتقضي حقها … وتريها همم المستبسلين

حدثي يا مصر عنهم واذكري … كيف كانت غضبة الشعب الرزين

أكرميهم واحفظي ما بذلوا … من دمٍ غالٍ ومن عمرٍ ثمين

شهداء الحب بروا ووفوا … وقضوا من حقه ما تعلمين

عظموا ما شئت من حرمته … ومضوا في العظماء الخالدين

كيف ننساهم وما طال المدى … كيف ننسى الأمناء الصادقين

أرضينا الغدر ديناً بعدهم … فعلى الله جزاء الغادرين

كفكف الباكون من أدمعهم … فبكتهم أمهات المؤمنين

يا لقومي للثكالى شفها … إذ مضى أبناؤها طول الرنين

يا لقومي لليتامى بعدهم … والآيامى والشيوخ الهامدين

رحمة ً للطفل يبريه الأسى … للأب المودي وللعم السجين

جف حتى ما تراه أمه … حين جفت عنه أيدي المحسنين

يطلب القوت فتبكي ولها … جار سوءٍ من رجالٍ مترفين

تحمل الضر ويشقى جدها … وهو يندى نضرة ٌ في الناعمين

أطيب الأنغام في مسمعه … رنة الشكوى وترداد الأنين

جن بالدنيا ولا دنيا له … غير ما أدرك من عيشٍ مهين

لا يراه الناس إلا جشعاً … بارز الأنياب كالذئب اللعين

طاح بالخير وعفى رسمه … زمنٌ للشر منبت القرين

علم الأقوام ما علمهم … من سجايا برحت بالأكرمين

ما يود الشعب من أخلاقه … غير أخلاق النهاة الآمرين

يا حماة النيل حسبي وكفى … أيظل النيل للمستعمرين

يا حماة النيل صونوا ملكه … وأرى النيل لقومٍ آخرين

بشروا يا قوم إني لأرى … في مصير النيل رأي المنذرين

لا ومن ألقى إلينا أمره … لا تركناه بأيدي الخاذلين

نحن حزب الله صنا حقه … وحفظنا عهده في الناكثين

نحن بايعناه مذ كنا على … نصرة الحق وكنا فاعلين

إن غضبنا أو رضينا فله … لا نبالي ترهات المرجفين

نحمل الأقلام غراً ولنا … صحف الأبرار بين الكاتبين

ما الألباء كضلال النهى … لا ولا الأحرار كالمستعبدين

ما رضينا خطة الغاوي ولا … عابنا شأن الذليل المستكين

يا لقومي جاهدوا لا تهنوا … وسيأتي الله بالنصر المبين

أنجدوا مصر إذا ما فزعت … وأهابت بالكماة الباسلين

احفظوها إن مصراً إن تضع … ضاع في الدنيا تراث المسلمين

كلمات: بدر بن عبدالمحسن

ألحان: سراج عمر