إذَا المَرْءُ لَمْ يُنْصِفْ بِقَدْرِ جِهَادِهِ – خليل مطران

إذَا المَرْءُ لَمْ يُنْصِفْ بِقَدْرِ جِهَادِهِ … فَإِنَّ لَهُ فَضْلاً بِقَدْرِ اجْتِهَادِهِ

تَوَخَّ عَظِيمَاتِ المُنَى وَانْحُ نَحْوَهَا … بِرَأْيٍ يُضِيءُ الدَّهْرَ وَرْيُ زِنَادِهِ

وَثَابِرْ تُصِبْ فَوْزاً فَمَا الفَوْزُ لِلْفَتَى … بِإِسْرَافِهِ فِي الجُهْدِ بَلْ بِاقْتِصَادِهِ

بِنَا حَاجَةُ النَّسْرِ المَهِيضِ جَنَاحُهُ … إِلَى جَوِّهِ العَالِي وَرَحْبِ مَرَادِهِ

أَيَرْقَى إِلَى أَوْجِ الكَمَالِ مُصَعِّدٌ … وَيَعْدُونه دُونَ الأَوْجِ نُقْصَانُ زَادِهِ

يُقَالُ الرِّضَى بَعْضُ الغِنَى قُلْتُ كُلُّهُ … وَلَكِنْ لِجِسْمِ المَرْءِ لا لِفُؤَادِهِ

نَفَيْنَا مِنَ الأَنْغَامِ مَا لَيْسَ مُفْضِياً … إِلَى ذُلِّ مَنْ يَهْوَى وَمَنْحِ قِيَادِهِ

جَعَلْنَا جَمِيعَ اللَّحْنِ شَجْواً وَأَنَّهُ … لِدَلِّ حَبِيبٍ مُعْرِضٍ أَوْ عِنَادِهِ

وَلا عِيدَ إِلاَّ لِلأَسَى فِي قُلُوبِنَا … أَمَا مَلَّهُ قَلْبٌ لِفَرْطِ اعْتِيَادِهِ

سُكَارَى يَكَادُ الصَّوْتُ يُوقِرُ هَامَنَا … إذَا مَا عَلا رُتْبَةٍ فِي انْطِيادِهِ

ألا طَرَبٌ يَا قُوْمُ فِي جَأْرِ مُغْضَبٍ … لأُمَّتِهِ أَوْ عِرْضِهِ أَوْ وِدَادِهِ

ألا طَرَبٌ وَالجَيْشُ يَحْدُوهُ مِعْزَفٌ … شَدِيدُ الوَغَى يُورِي اللَّظَى فِي جَمَادِهِ

ألا طَرَبٌ وَالبَحْرُ فِي ثَوَرَانِهِ … يُصَوِّرُ إِيقَاعٌ جَلالَ امْتِدَادِهِ

ألا طَرَبٌ وَالنَّهْرُ تَهْوِي سُيُولُهُ … إِلَى قَاعِهِ مُصْطَكَّةً بِصِلادِهِ

ألا طَرَبٌ فِي مَا يُرَدِّدُ حَانِقٌ … مِنَ الأُسْدِ فِي أَطْوَادِهِ أَوْ مِهَادِهِ

ألا طَرَبٌ وَالقَفْرُ كَالقَبْرُ سَاكِنٌ … لِنَاءٍ شَجَتْهُ حَمْحَمَاتُ جَوَادِهِ

أَلا يَوْمَ مَشْهُودٌ أَلا فَوْزَ حَافِلٌ … أَلا رَهْطَ يَعْلُو صَوْتُهُ بِاتِّحَادِهِ

أَمَا لِلفَتَى قُوْلٌ كَبِيرٌ لِنِدِّهِ … وَلا صَيْحَةٌ فِي فَخْرِهِ وَاعْتِدَادِهِ

أَلا رَعْدَ هَدَّادٌ أَلا بَرْقَ خَاطِفٌ … أَلا عَارِضٌ تَجْرِي الرُّبَى فِي اشْتِدَادِهِ

أَلا نَغَمٌ إِلاَّ إذَا حَيَّتْ الصَّبَا … غَرِيبَ حِمىً طَالَتْ لَيَالِي بِعَادِهِ

نَصُوغُ أَقَلَّ اللَّحْنِ دُونَ أَجَلِّهِ … وَنَهْوَى انْتِقَاضَ الفَنِّ دُونَ ازْدِيَادِهِ

وَلا وَصْفَ إِلاَّ أَنْ يُمَثِّلَ حَالَةً … مِنَ النَّفْسِ لَمْ تَبْلُغْ بَدِيهَةَ بَادِهِ

لَهَا لَمَعَانُ النَّصْلِ بَيْنَ اسْتِلالِهِ … إِلَى وَشْكِ أَنْ يَعْرَى وَبَيْنَ اغْتِمَادِهِ

نُحِبُّ مِنَ الإِنْشَادِ كُلَّ مُكَرَّرٍ … بِلَحْنٍ جُمُودُ الفِكْرِ مِنْ مُسْتَفَادِهِ

وَتَنْبُو بِنَا الآذَانُ عَنْ مُسْتَجَدِّهِ … فَكُلُّ عَتِيقٍ فَهْوَ مِنْ مُسْتَجَادِهِ

وَمَهْمَا يُعَدْ فِي صَيْغَةٍ بَعْدَ صِيغَةٍ … مُقَارِبَةٍ لَمْ نَشْكُ مِنْ مُسْتَعَادِهِ

بِنَا حَاجَةُ النَّسْرِ المَهِيضِ جَنَاحُهُ … إِلَى جَوِّهِ العَالِي وَرَحْبِ مَرَادِهِ

أَيَرْقَى إِلَى أَوْجِ الكَمَالِ مُصَعِّدٌ … وَيعْدُوهُ دُونَ الأَوْجِ نُقْصَانُ زَادِهِ

بَنِي وَطَنِي إِنْ نَلْتَمِسْ لِرُقِيِّنَا … عَتَاداً فَهَذَا الفَنُّ بَعْضُ عَتَادِهِ

إِذَا نَحْنُ أَحْكَمْنَاهُ أَعْلَى هُمُومَنَا … وَأَنْجَى سَوَاداً هَالِكاً وَالمُنَى وَالمَشَادِهِ

مَتَى يَغْدُ مِنَّا الجَيْشُ يَسْتَقْبِلُ الرَّدَى … وَيَسْمَعُ مَسْرُوراً نَشِيدَ بِلادِهِ