أجانبُها حِذاراً لا اجتِنَابا – السري الرفاء

أجانبُها حِذاراً لا اجتِنَابا … وأعتِبُ كي تُنَازِعُني العِتابا

وأبعُدُ خِيفَة َ الواشين عنها … لكي أزدادَ في الحبِّ اقترابا

وتأبى عبرتي إلا انسكابا … وتأبى لوعتي إلا التهابا

مرَرْنا بالعقيقِ فكم عقيقٍ … ترقرقَ في محاجرِنافذابا

ومن مغنى ً جعلنا الشوقَ فيه … سؤالاً والدموع له جوابا

وفي الكِلَلِ التي غابتْ شموسٌ … إذا شَهِدَتْ ظلامَ الليلِ غابا

حملْتُ لهنَّ أعباءَ التصابي … ولم أَحمِلْ من السُّلوانِ عابا

ولوبَعُدَتْ قِبابُكَ قابَ قوسٍ … من الواشينَ حَيَّينا القِبابا

نَصُدُّ عن العُذَيب وقد رأينا … على ظَمإٍ ثناياكَ العِذابا

تثنِّي البرقِ يُذكِرُنِي الثَّنايا … على أثناءِ دجلة َ والشِّعابا

فأياماً عَهِدْتُ بها التَّصابي … وأوطاناً صَحِبْتُ بها الشَّبابا

ولستُ أرى الإقامة َ في مَقامٍ … يضُمُّ غرائبَ الحَمْدِ اغترابا

وقد شغلَ النَّدى الألبابَ فيه … فباتتْ تنظِمُ الكَلِمَ اللُّبابا

رياضٌ كلما سُقِيَتْ سَحاباً … بسيفِ الدولة ِ انتظرَت سَحابا

رحيبُ الصَّدرِ يُنزِلُ آمليهِ … من الأملاكِ أوسعَها رِحابا

ومنشى عارضٍ يُذكي التهاباً … على الآفاقِأويَهمي انسكابا

يُلاقي الرَّاغبين ندَى يديه … برَغبَتِه وإن كانوا رِغابا

إذا انتهبَتْ صوارمُه بلاداً … أعادَتْه مكارمُه نِهابا

ربيبُ الحرب إن جرَّ العوالِي … إلى الهيجاءِ راعَ بها ورابا

تودَّدَها حديثَ السِّنِّ حتى … أشابَ شَواتَها طعناً وشابا

يَعُدُّ حياضَ غَمْرتها عِذاباً … إذا ما عدَّها قومٌ عَذابا

أَأَبناءَ الصليبِ تواعَدَتْكم … قواضبُ تَنثُرُ الهامَ اقتضابا

إذا طارَتْ مُرفرفة ً عليه … عِقابُ الجيشفانتظروا العِقابا

وإن حسرَ الضريبُ مُلاءَتَيْه … عن الدَّربينفارتقبوا الضِّرابا

فقد عاق الشتاءُ الحَيْنَ عنكم … وعنه الحربَ فيه والحِرابا

سيُرضي اللّهَ ذوسخَطٍ عليكم … يقودُ إليكم الأُسْدَ الغِضابا

تقلَّبَ في بلادِ الرومِ حتى … أمالَ عروشَهم فيها انقلابا

كأنَّ الجوَّ لما انقضَّ فيها … أطالَ عليهم منه شِهابا

فلم يَثْنِ القَنا الخَطى حتى … أقادَ بكل ما كَعَبَ كَعَابا

ويومَ البَرقَموشِ كأنّ برقاً … تألَّقَ بالحُتوفِ له فصَابا

سموتَ له وبحرُ الموتِ سامٍ … فلما عبَّ فَرَّجْتَ العُبابا

بِذَبٍّ عن حريمِ اللّه أربَى … فلم تترُكْ لذي شُطَبٍ ذُبابا

سَلِمْتَ لبيضة ِ الإسلامِ ترمي … مراميَها انصلاتاً وانتدابا

وعادَ عليك عيدُك ما توارى … جبينُ الشمسِ أوخَرَقَ الحِجابا

وخُذْها كالتهابِ الحَلْيِ تُغْنِي … عن المِصباحِ في اللَّيلِ التِهابا

مُشَعْشَعَة ً كأنَّ الطَّبعَ أَجرى … على صَفَحاتِها الذَّهبَ المُذابا

يَكُرُّ لها العَيِيُّ الفكرِ حَوْلاً … ويكبودونَ غايتِهاانكبابا

كذاكَ العَيرُ إن ما احتُثَّ يوماً … ليدخُلَ في غُبار الطِّرْفِ خابا