أأفاق ظالم نفسه فأنابا – أحمد محرم

أأفاق ظالم نفسه فأنابا … ورأى المحجة مخطئٌ فأصابا

إن الذي وسع الخلائق رحمة ً … غمر الممالك والشعوب عذابا

لما جرى في الأرض طوفان الأذى … أجرى به الدم والحديد عبابا

والناس إن عمروا الزمان بظلمهم … تركوا المدائن والبلاد خرابا

أنظر إلى الدنيا يريك مشيبها … دنيا تريك نضارة ً وشبابا

هذي تطل على الشعوب وهذه … تزجي الركائب لا تريد مآبا

الله قدرها حياة ً غضة ً … وأعدها للصالحين ثوابا

قل للملوك أتتبعون زمانكم … أم تأخذون لغيره الأسبابا

ما الملك يؤخذ بيعة ً ومشورة ً … كالملك يؤخذ عنوة ً وغلابا

الصاعدين على العروش جماجماً … الرافعين ذرى القصور رقابا

المنكرين على الممالك حقها … الزاعمين شعوبهن ذبابا

من كل فردٍ في الأريكة مالكٍ … أمماً تهول بني الزمان حسابا

فخم المواكب ما يبالي أصبحوا … راضين أم باتوا عليه غضابا

المال يجبى والبلاد مطيعة ٌ … والجند يخطر جيئة ً وذهابا

والجمع محتفلٌ يطوف بسدة ٍ … تلقي عليه من الجلال حجابا

تتوثب الأقدار في عليائها … تحمي الستور وتمنع الأبوابا

يرضى فيرسلها لقومٍ نعمة ً … وتكون منه لآخرين عقابا

حتى إذا جمع القياصر موعدٌ … بعث الإله قضاءه فانسابا

لما أغار على الممالك جنده … أخذ العروش وأهلها أسلابا

وأرى لربك كل حينٍ آية ً … تعظ العبيد وتردع الأربابا

تطغى الجنود فإن تدافع بأسه … هزم الجنود وأهلك الأحزابا

وإذا رمى شم المعاقل من علٍ … طارت بمخترق الرياح ترابا

إن الذي جعل الزمان مؤدباً … جعل الحوادث للشعوب كتابا

والناس تعوزها العقول فيستوي … في الجهل من شهد العظات وغابا

العبقرية في الحياة لأمة … تلد العقول وتنجب الألبابا

من كل جبار القوى متمردٍ … يعلو الخطوب مساوراً وثابا

ومثقبٍ وارٍ يريك مضيئه … في الداجيات من الأمور شهابا

وضح الغيوب يدب في أوكارها … ويشق عن أسرارها الأنقابا

سلب الشعوب لمن يقلب حولها … ظفراً من العلم العتيد ونابا

العلم إن حمت الضراغم ملكها … ملك أعز حمى ً وأمنع غابا

طف بالمشارق هل تصادف جاحداً … وجب المغارب هل ترى مرتابا

أرأيت من أخذ الحياة بحقها … وسعى لها سعي الرجال فخابا

جند لقومك إن هممت بغارة ٍ … جند المعارف واحشد الآدابا

كلمات: فالح

ألحان: طلال مداح